الدولة : عدد المشاركات : 49757 نقاط : 58030 تاريخ التسجيل : 24/12/2009 العمر : 31 الجنس :
موضوع: ومن الحب ما قتل الإثنين يونيو 14, 2010 7:37 pm
تختلف مذاهب الناس في العشق والحب باختلاف طبائعهم في الألفة والمودة، وتباين قلوبهم في الرقة والقسوة. وتحدث القدماء كثيرا عن أثر الشعور بالجمال بين المتحابين في تمكين الألفة بينهما، بغض النظر عن موضوع الجمال أو القبح، في حد ذاتهما. وقد بينا ذلك سابقا، كما مر معنا كيف اختار أحمد بن حنبل الزواج بالعوراء الدميمة على أختها الجميلة، لأنه آثر زواج العقول والأرواح على زواج الأجساد والأشباح..
وأجاز الشرع للرجل النظر إلى وجه المرأة قبل التزويج، تمكينا للألفة بين الطرفين، قال الأعمش: ( كل تزويج يقع على غير نظر فآخرة هم وغم) .
وأمر الجمال والقبح، في حد ذاتهما، نسبي، فلا نهاية لهما ولا بداية. وليس هناك وصف كامل يمكن أن يحيط بهما، ولو تعاون على ذلك جميع مبدعي العالم، في فن الكلام الشعري والقصصي والدرامي، أو حتى في الأشكال المختلفة والمبهرة لفنون الرسم والتلوين والنحت والتصوير الثابت أو المتحرك...
ولكن، في أيامنا هذه، قد تتساوى القبيحة مع الجميلة تماما ـ كما قد يتساوى الباطل مع الحق وزيادة ـ إذا تدخلت قوة مشراط الطبيب الجراح، لتعديل قسمات الجسد والوجه بالزيادة أو الحذف أو التعويض، حتى تعتدل على أحسن وجه ـ تماما كما في ( خطة الطريق) الأمريكية ووصيفتها لترميم وهندسة الجسد العربي القبيح ، حسب زعمها ـ.إذ لا فرق عندي بين جسد المواطن والوطن، فهذا من ذاك، ما دمنا نتحدث عن القبح والجمال، سواء في أجساد البشر أو أجساد الأمم، فأصل العشق واحد، وقد يتعدد ولكنه لا يتجزأ.
والجمال المصنوع أو المجلوب بوسائل الجراحة الترميمية أو التعويضية أو بوسائل الزينة التقليدية والعصرية أمر شغل القدماء أيضا، والحديث فيه ذو شجون.
أما الآن، فنود أن نختم هذا الحديث ببعض الحكايات العجيبة التي كانت تعرض للمحبين والعشاق قديما، فيما يشبه الخيال الحالم المتجاوز لكل الحدود، وليتأكد لنا أن موضوع الحب أبعد من كل وصف، وأسمى من أن يبقى محصورا في حديث صور الأجسام الجميلة أو القبيحة.. فللمحبين عجائب قد لا يتصورها البعض حتى في الخيال: * الحكاية الأولى: روي عن عمر بن الحارث الرافعي قال: كنت في مجلس بالرقة عند صديق لي، وكان معنا فتى يتعشق جارية مغنية، وكانت معنا في المجلس فضربت بالقضيب وغنت: علامة ذل الهـــــوى ـ على العــاشقين الـبكا ولاسيما عاشــــــق ـ إذا لم يجـد مشتـــكى فقال لها الفتى: أحسنت والله يا سيدتي، أفتأذنين لي أن أمـــــــوت؟!! فقالت : مت راشدا!! قال: فوضع رأسه على الوسادة وأطبق فمه وغمض عينيه، فحــــــــــــركناه فإذا هو ميت. الحكاية الثانية: قال سمنون المحب: كان في جيراننا رجل وله جارية يحبها غاية الحب، فاعتلت الجارية فجلس الرجل يصلح لها حيسا، فبينما هو يحرك القدر إذ قالت الجارية: آه!! قال: فدهش الرجل وسقطت الملعقة من يده وجعل يحرك ما في القدر بيده حتى سقطت أصابعه!! فقالت الجارية: ما هذا؟!! قــــــــــال: هذا مكان قولك: آه!! الحكاية الأخيرة ، وليست الآخرة:
حكي عن محمد بن عبد الله البغدادي قال: رأيت بالبصرة شابا على سطح مرتفع، وقد أشرف على الناس وهو يقول: من مات عاشقا فليمت هكذا ـ لا خير في عشق بلا موت ثم رمى بنفسه الأرض، فحملوه ميتا وللناس في العشق مذاهب!! وهل الموت في سبيل الحق والوطن والهوية والحرية.. إلا عشق، على عشق، على عشق....!!! أما عبارات الناس عن الحب والمحبة فكثيرة، وسندرج بعضها لاحقا.