الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: فن قرائه الافكار الثلاثاء أغسطس 10, 2010 11:48 am
مما لا شك فيه أن الجنس البشري يبدي اهتماما كبيرا أساسه حاسة فضول عالية، لمعرفة ما يجول بخاطر أي انسان قابله صدفة أو تعامل معه داخل النسق الإجتماعي الخاص بالتعامل والمعاملات. وهذه الحاسة الحسية قديمة قدم آدم على وجه البسيطة تتحكم فيها نوازع الإنسان الى الحذر والترقب من الخصم، فرغبة الإنسان في قراءة أفكار الغير هي ضرورة طبيعية يحكمها عامل الربح والخسارة، وهي نوعان سيئة وجيدة، فحينما نسيء قراءة أفكار شخص ما، فربما قد يؤدي ذلك الى استعمال القوة والجنوح الى العنفكحل أخير للتغلب على احساسنا بفشل قدرتنا على عدم التمكن من قراءة أفكاره، كما هو الحال في الأسر التي يمارس فيها الأب العنف ضد زوجته، لأنه غالبا ما يفسر ويقرأ أفكارها خطأ. وإلى وقت ليس بالبعيد آعتقد الإنسان أن ملكة قراءة الأفكار هي موهبة ربانية، تولد بالفطرة عند أشخاص حباهم الله دون غيرهم بعناية خاصة، فمنهم من آستغلها كقوى ضارة لجني المال ومنهم من قصده الناس للأخذ بنصيحته في هذا أو ذاك فيما يخص مشروع عمل أو شراكة زواج، غير مدركين أن هذا النوع من البشر يعتمد أولا وأخيرا على تجربتة الشخصية في الحياة وعلى الخبرة التي اكتسبها من احتكاكه الدائم بشتى أنواع الجنس البشري، فقراءة افكار الغير هي بلا شك عنصر أساسي في خريطة الذكاء الإجتماعي وورقة رابحة لمن تعلم فك رموزها وطبقها. ولهذا الموضوع عالم كبير وعميق، عليه أن تخصص له صفحات و مجلدات، لكن "سيدتي نت" آختارت أن تأخذكم معها في رحلة قصيرة جدا، إلى هذا العالم الغامض المثير لعلكم تكتشفون ولو قليلا من الحقائق.
من عادة رجال الأعمال اليابانيين أن يصاحبوا في مفاوضاتهم التجارية رجلا مهمته فقط قراءة أفكار المنافسين وتفسير إيحاءات وجهوههم ولغة أجسادهم، دون أن ينبس بكلمة واحدة أو أن يشاركهم النقاش، وهذا دليل على أن قراءة أفكار الغير لا تشترط في اتقانها على أن يعرف أو يجمع الشخص كما هائلا من المعلومات عن خصمه أو يكون على معرفة مسبقة به، فهذا الياباني الملقب بـ "الرجل الحكيم" لا يعرف من سيقابل مع المفاوضين في الإجتماع، بل سيعتمد بالأساس على اللحظة ذاتها، التي ستتطلب منه تركيزا دقيقا لاسيما على تقلصات وامتداد العضلات المحيطة بالعين، فالعين مرأة لمالكها وقليلا ما تعرف الكذب، ناهيك عن اهتمامه بنبرات الصوت والسعال وإيماءات اليد. والمصطلح اللفظي يكشف بدوره الكثير عن أفكار الفرد، فحين لا تسمع منه طوال الوقت مثلا إلا كلمة "على أي حال" أو كـ"اطلاقا" او "لا أبدا" فهو يوحي بعدم اقتناعه بالامر المعروض عليه بصفة نهائية، بالإضافة الى مظهره وشكله وطريقة جلوسه بل ذهب البعض، الى أن اختيار نوع من المشروبات دون آخر، يفضح جانبا من أفكار الشخص.
ورغم أن الإنسان يغير ما يقرب من 3000 مرة يوميا من تعابير وجهه، إلا أنه يمكن قراءة أفكاره، وتلعب هنا عدة أساسيات دورا مهما كالمراقبة المركزة والرجوع الى بنك معلومات الذاكرة، التي ترسخت بها صور لبشر مختلفي الطباع ونتائج تجارب متنوعة، مما آكسب القارئ قدرات حسية وقاعدات بيانية، يعود إليها الفرد كلما طلبت منه الحياة ذلك، فمثلا خذ مديرك في العمل أنت تحاول أن تقرأ من حركاته وملامح عينيه، بماذا يفكر عنك الأن؟ وأنت تطالبه برفع المرتب بعد أن فازت الشركة بجائزة، أو ماذا قصدت زوجتك اليوم صباحا بعتابك بتلك الكلمات، هل اكتشفت ما تخفيه عنها بخصوص زميلتك الجديدة في العمل؟ والتي تتعامل معك بلطف مبالغ فيه تفتقده لديها، هل قرأت ما يجول بخاطرك فلا تحتاج لتوضيح الأمر لديها، فربما قد تستجيب لخاطرك وتحاول أن توليك اهتماما أكثر من السابق، لكنك تفاجأ بأن الحال لازال كما هو عليه وأن الزوجة لا تملك أي قدرة على قراءة أفكارك، وهذه الحالة تعيشها صابرين (31 عاما) وهي أم لطفلين فتقول: "تزوجت منذ عشر سنوات وحين تسألون زوجي الأن بماذا تفكر زوجتك؟ فإنه قد يجيب بزيارة أمها، رغم أنها كانت عندي أول أمس" وتضيف قائلة: "أخيرا شاهدنا معا فيلما فلم أستطع حبس دموعي عند رؤية مشهد محزن، وكل ما فعله أنه سألني عن سر بكائي، ولم يكابد نفسه عناء قراءة أفكاري، بأن المشهد ذكرني بحياتنا التي أصابها نوع من الملل والفتور وأن قصة البطلة تشبه قصتي وأنني أنتظر أخيرا أن يفاتحني بالموضوع الذي بدأناه صباحا ولم ننهه بعد"، وتخالفها هنا في الرأي دينا (28 عاما) قائلة: "زوجي توأم روحي فكل حركة أو اشارة مني يفهمها، ومع مرور الوقت اكتسبنا لغة سرية تمكننا من قراءة أفكار الأخر، وتعتمد بالأساس على تفسير بعض الحركات الجسدية او الإيماءات الإيحائية أو حتى في تغيير نبرات صوته، كلها عوامل تساعد على قراءة أفكار شريك الحياة ويكفيني أن اعتمد على عنصر التركيز في مراقبته وملاحظتة لأقرأ أفكاره". وحين طرح اشكال قراءة الأفكار ما بين الأزواج ـ بناءا على ما روته صابرين ودينا ـ على دكتور علم النفس وليام آيكس من جامعة بون الألمانية، أكد هذا الأخير استحالة ان يقرأ الفرد منا أفكار الأخر ويفسرها مئة بالمائة، فهي تصل بنسبتها عند الغرباء إلى متوسط 20 %، وعند المتزوجين بنسبة 35% رغم قربهما من بعض، والإجمال العام لا يفوق نسبة 60%. ويؤكد الدكتور ان النساء يملن أكثر إلى قراءة الأفكار وهن لا يتفوقن على الرجال في ذلك أو العكس، بل هم متساوون من هذه الناحية، إلا أن الرجال لا يولون الأمر اهتماما كبيرا.
وفي مدرسة قراءة الأفكار لا يعتمد القارئ على حاسة دون أخرى، بل عليه توظيف كل حواسه الى جانب الحاسة السادسة، بمعنى أصح، عليه ان يكون قادرا على تفسير لغة الجسم واليدين ودراسة نبرات الصوت ووثيرة الكلام وأن يراعي أن يدرب نفسه على الإصغاء والاستماع الجيد مع إعطاء الوقت الكافي للحديث للأخر، لكن الأمر قد يتطلب منه صبرا طويلا قد يمتد لسنوات تلعب فيها الخبرة دورا جوهريا، إلى أن يصل الى مستوى قارئ أفكار محترف. ويمكن ان يبدأ بتدريب قدرته على قراءة الأفكار وتحسينها، بأن يعيد بعض المواقف التي حاول فيها تفسير أفكار شخص ما ويحاول أن يصارحه بما توصل إليه من نتائج في محاولته قراءة أفكاره ويسأل صاحبه عنها، ويحاول مقارنتها بالتالي بما توصل إليه هو من أفكار وهكذا، فتكرار مثل هذه التمارين سيصقل تجربة قراءة الأفكار لديك ويخلق منك قارئا جيدا، بما سيعود بفوائد عليك وعلى محيطك، فكلما تمكنت من ذلك كلما كانت قدرتك فائقة على تجنب النزاعات والمشاحنات مع الغير لأنك قادر على قراءة غضبه أواستحسانه لأمر ما.