الدولة : عدد المشاركات : 4905 نقاط : 6672 تاريخ التسجيل : 29/10/2009 العمر : 32 الجنس :
موضوع: سورة يوسف فرائد و فوائد الإثنين يناير 04, 2010 2:09 pm
سورة يوسف فرائد و فوائد
مقدمة شرف علم التفسير
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .. وبعد فإن قيمة أي علم وأهميته إنما تقاس بأهمية المعلوم، والغرض من تعلمه، وبمقدار حاجة العباد إلى ذلك العلم وضرورتهم إليه، ومن ثَم كان علم تفسير القرآن من أجل علوم الشريعة وأرفعها قدرًا، إذ هو أشرف العلوم موضوعا وغرضا وحاجة إليه _ لأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة ولأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية . وحاجة الناس إليه وضرورتهم له فوق كل حاجة ، وأعظم من كل ضروروة، وإنما اشتدت الحاجة إليه لأن كل كمال ديني أو دنيوي لا بد وأن يكون موافقا للشرع ، وموافقته تتوقف على العلم بكتاب الله . وبمعرفة التفسير يعرف الإنسان منهج الله الذي أودعه كتابه، وما في هذا المنهج من الراحة والطمأنينة والرفعة والبركة والطهارة، كما يعلم أيضا منهج الشيطان ، ووهو كل منهج خالف منهج القرآن ، وما في هذه المناهج من الفساد والضياع والضنك والضلال ( فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى).
الأمر بتدبر القرآن
لما كان القرآن الكريم رسالة الله إلى عباده ودستوره الذي أنزله إليهم ليعملوا به ويتحاكموا إليه كان لابد لهم أن يفتحوا تلك الرسالة ويقرؤوها ويفهموا ما فيها حتى يمكنهم أن ينفذوا ما فيها ويطبقوه؛ ولذلك أمرهم الله سبحانه بتدبره وتفهمه وحثهم عليه فقال سبحانه : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ) وقال : ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )، ( أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) وقال تعالى: ( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ) ، قال ابن عباس : "الحكمة: المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله". (أخرجه ابن أبي حاتم وغيره) وقال تعالى: (وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون). أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو ابن مرة قال: ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنتني؛ لأني سمعت الله يقول : " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ".
اهتمام السلف بتفسير القرآن ذكر الإمام الطبري بسنده عن ابن مسعود قال : كان الرجل مـِنـَّا إذا تعلَّم عَشر آيات لم يجاوزهُنَّ حتى يعرف معانيهُنَّ ، والعمل بهنَّ . وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا الذين كانوا يُقرئوننا القرآن: أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا إذا تعلَّموا عَشر آيات لم يخلِّفوها حتى يعملوا بما فيها من العلم والعمل ، فتعلَّمنا القرآن والعلم والعمل جميعــًا . وعن عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ قال: والذي لا إله غيره، ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمَ نزلت، وأين نزلت، ولو أعلم مكان أحدٍ أعلم بكتاب الله مِنّي تنالُه المطايا لأتيته . قال ابن عبد البر رحمه الله : فأول العلم حفظ كتاب الله عز وجل وتفهمه ، وكل ما يعين على فهمه فواجب معه وقال ابن تيمية رحمه الله : قد فتح الله علَيَّ في هذه المرة من معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء كان كثير من العلماء يتمنونها وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن .