الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: يوميات مصور في الميدان السبت مارس 19, 2011 5:58 am
يوميات مصور في الميدان
[size=25]لم أترك الكاميرا طيلة فترة الاعتصام
لم أتركها و أنا حاملا لمسئولية توثيق ثورتنا المجيدة
لم أكن أتخيل انه سيأتي وقتاً أمسك بحجر و أرميه في وجه بلطجي
من بلطجية النظام المستبد، على الأقل ملتزما بحيادي الإعلامي
في اليوم الذي هجم علينا فيه بلطجية النظام عقب خطاب الدكتاتور مبارك
لم أكن راضياً عما سجلته بعدستي
يرغم خضم الأحداث و كثرة الموضوعات التي تغري أي مصور بتسجيلها
لم أكن أعلم ما سبب عدم وجود المهنية و فاعليتها في هذا التوقيت بالذات
تراجعت و اكتفيت بما سجلته العدسة من صباح اليوم
اتجهت إلى المنزل لأفرغ محتويات كارت الذاكرة
و إذا بهاتف يأتي إلي من أخي
محمد: إبراهيم إنت فين؟
أنا: بفرغ محتويات الكارت و جاي
محمد: إبراهيم إحنا محتاجين الناس، محتاجين الناس ما تسيبش الميدان، الكلاب هاجمين علينا من كل مكان
لم أجد ما أرد به سوى تسمر في مكاني و تحجرت عيناي في الأرض و لم أجد ما أقوله له غير أني سآتي بمجرد تفريغ الكارت
جلست أفكر و أطير بخيالي فيما يحدث في الميدان، تم شحني و شعرت بقشعريرة تسري من أصابع قدمي و في يدي حتى شعرت بها في جوانب رأسي
جائتني مكالمة من أخي و صديقي و زميلي المصور حسين
أنا: حسين طمني عليك
حسين: إنت فين يا ابراهيم؟
أنا: جاي يا حسين قولي عندك إيه؟
حسين: الكلاب البلطجية دول في كل مكان يا ابراهيم، كلم الرجالة كلهم
محتاجين الرجالة كلها، الميدان ممكن يقع في لحظات
أغلقت الخط مع حسين و أنا في قمة الجنون، و أنا لا أعلم ما الذي أفعله الآن، تباً للكاميرا، تباً للصور، تباً لكل شيئ
صافحت زوجتي و قبلت أولادي و من قبلها تركت رسالة على الفيسبوك: أستودعكم الله، إطمأننت على وصيتي المبسطة التي تركتها مع زوجتي، و التي لمحت في عينيها، أن احترس لنفسك، هكلمك كل عشر دقائق
مشيت في شوارع القاهرة من شارع الهرم مرورا بالجيزة إلى الدقي إلى التحرير، بلا كاميرا و لأول مرة، في ظل حظرا فرضه الجيش الثانية ليلاً
لم يستوقفني كميناً واحدا و لا فردا من أفراد اللجان الشعبية، و ذاك فضل من الله
دخلت الميدان من كوبري قصر النيل، اتجهت إلى مدخل عبد المنعم رياض، أسمع دوي الطرق على أسوار الميدان كطبول حرب يرهبون به أعداء الحرية و سجناء الاستعباد، وجدت أحجاراً على الأرض أكثر من أعداد المعتصمين و الذين تفرقوا من يكسر لإخوانه الأحجار، و منهم من يحمله فوق رأسه ليمد به من هم بالصفوف الأولى في المواجهات
و جدت نفسي أجثو على ركبتي و أنظر في الحجر و أقلبه بين يدي، تركته
، و اخترت آخراً مدبب و صغير لأضمن طيرانه و حسن إصاباته
جاءتني الخبرة من حيث لا أدري، وجدتني أحمل حجرا تلو الآخر و أحشو به جيوب ردائي و أتجه إلى الصفوف الأولى إستعدادا للدفاع عن الميدان
و عند رمي الحجر الأول حينها اكتشفت و أيقنت سبب عدم رضائي عما أفعله في هذا اليوم من تسجيل عدساتي، تركت الكاميرا و باليد مسكت الحجر، نعم، أبدعت، سددت الرمي و أتقنت، الآن بما أفعله ارتضيت
يعلو صوتي الله أكبر، و تعلو صوت الطبول و الطرق على الأسوار
و أنا أستمع إليها كنغمات و الله ما أحلاها، إرفع صوت الطبول يا أخي
و أسدد الحجر تلو الآخر، أين الكاميرا؟؟ أحتاجها الآن الآن فقط شعرت بأهمية الفرد
شحذت الهمم تقدمت الصفوف، الله أكبر، أعوان الظالم في تراجع، الكوبري يتم إخلاءه أمام إصرار الثوار على صعوده و محاصرته من الجانبين، نعتلي الكوبري 15 فردا أو أكثر، ترتفع صيحاتنا، الله أكبر الله أكبر
نسمع دوي الطلقات حولنا و لا نعلم مصدرها، فرحتنا باحتلال الكوبري طغت على تفكيرنا بخطورة المكان، يأتينا شاب ذو 16 عاماً محمولاً مصاباً بطلق في جنبه، لم أصدق ما أراه، ما ذنب الطفل، أحمله مع الناس و نحن نركض به مهللين و مكبرين، انصتوا إسمعوا الطفل ,,,,,,,, هو فاقدا للوعي
و إذا بي ألمح سبابته اليمنى و هي إلى الأمام و بلسانه ينطق