«المصري اليوم» تواصل نشر نص تحقيقات قتل المتظاهرين (٣)
كتب أحمد شلبى ويسرى البدرى وفاروق الدسوقى ٢٠/ ٤/ ٢٠١١
[ صورة أرشيفية للمظاهرات]
صورة أرشيفية للمظاهرات
إسماعيل الشاعر يكشف تفاصيل اجتماعات «العادلى» وقيادات الداخلية قبل المظاهرات وبعدها
روى إسماعيل الشاعر، مساعد وزير الداخلية لأمن القاهرة السابق، تفاصيل ولحظات تعامل الأمن مع المتظاهرين وقت الثورة.. حيث قال: إن العادلى اجتمع بقيادات الداخلية، وشرح لهم كيفية التعامل مع المتظاهرين، وأكد لهم أنه ينسق مع آخرين لقطع الاتصالات والإنترنت، للتقليل من المتظاهرين، إلا أن الشاعر قال فى التحقيقات «إن هذا القرار تسبب فى رد فعل عكسى لدى المواطنين ودفعهم للنزول إلى الشارع».. وقال: «إن (رمزى) هو المسؤول الأول عن التعامل مع المتظاهرين».
■ ما قولك فيما هو منسوب إليك من أنك متهم بالاشتراك بطرق التحريض والاتفاق والمساعدة مع بعض ضباط وأفراد الشرطة فى قتل المجنى عليهم من المتظاهرين بإطلاق أعيرة نارية عليهم مع سبق الإصرار، والمقترنة بارتكاب جنايات أخرى، هى قتل والشروع فى قتل عدد آخر من المجنى عليهم من المتظاهرين على النحو المبين بالتحقيقات؟
- محصلش منى كده وأنا شخصياً كنت نازل فى ميدان التحرير من غير سلاحى الشخصى، وخدماتى كلها بعيدة جداً عن نطاق ميدان التحرير.
■ أنت متهم أيضاً بإطاعة وزير الداخلية الأسبق، اللواء حبيب العادلى، فيما أصدره من أمر بتعطيل أمر رئيس الجمهورية الصادر فى ٢٨ يناير ٢٠١١ باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمن البلاد بالاشتراك مع القوات المسلحة، مما ترتب عليه الإخلال بالأمن العام؟
- محصلش انسحاب للشرطة خالص.
■ كما أنك متهم بصفتك موظفاً عمومياً، مديراً لأمن القاهرة السابق، بالتسبب بخطئك فى إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح الجهة التى تعمل بها، وأموال ومصالح الغير، المعهود بها لتلك الجهة.
- محصلش ولم أرتكب أياً من تلك الجرائم.
■ ما اختصاصك الوظيفى كمدير لأمن القاهرة السابق، وما الفترة الزمنية التى توليتها خلال ذلك العمل؟
- أنا توليت العمل كمدير لأمن القاهرة لمدة ٤ سنوات تقريبا، اعتباراً من أغسطس ٢٠٠٦، واختصاصى الوظيفى هو: مدير للأمن، ومعهود لى تحقيق أمن وأمان المواطن، وتأمين المنشآت الحيوية.
■ ما هو الهيكل التنظيمى والإدارى لمديرية أمن القاهرة؟
- مديرية أمن القاهرة تتكون من مدير الأمن، ونائب مدير الأمن، ومديرى إدارات قوات الأمن والمرور والبحث الجنائى والنجدة والحماية المدنية وقطاع شرق وشمال وجنوب ويتبعها أقسام الشرطة المختلفة.
■ من هو الرئيس الأعلى المهيمن على كل هذه الإدارات والقطاعات؟
- أنا الرئيس الأعلى لهذه الإدارات، باعتبارى مديراً للأمن، وده الوضع فى سائر مديريات الأمن من أن مدير الأمن هو المسؤول عن إدارة شؤون المديرية التابعة له ويعاونه فى ذلك نائب المدير والمساعدون.
■ ما هى السلطة الرئاسية الأعلى التى تخضع لها بصفتك مديراً للأمن؟
- الرئيس الأعلى المباشر لى هو اللواء عدلى فايد، مساعد أول وزير الداخلية للأمن، ثم بعد منه وزير الداخلية.
■ ما حدود وضوابط الرجوع إلى رئاستك العليا فيما يتعلق بأعمال وظيفتك؟
- الأعمال العادية أو اليومية لأنشطة الجهات التابعة لمديرية الأمن المختلفة، يتم عمل إخطارات بها لكل الجهات بما فيها السلطات الرئاسية لمساعد أول الوزير للأمن ومكتب وزير الداخلية.
■ هل تتم الإخطارات بتلك الأعمال التى أشرت إليها بعد الانتهاء منها ومباشرتها أم قبل ذلك؟
- حسب نوعية العمل، فبعض الأعمال تحتاج منى العرض على مساعد أول الوزير، أو الوزير قبل مباشرتها.
■ ما هى علاقتك كمدير للأمن من الناحية الوظيفية بباقى الإدارات، أو الجهات الشرطية المختلفة؟
- هناك العديد من الإدارات الشرطية التى نتعاون معها مثل: الأمن المركزى ومباحث أمن الدولة والمرور والنقل والمواصلات، والعلاقة بيننا قائمة على التنسيق، كل يؤدى اختصاصه الوظيفى.
■ ولمن تكون الرئاسة أو القيادة إذا ما اجتمعت وأى من المسؤولين عن تلك الجهات فى عمل ما؟
- العلاقة قائمة على التنسيق والتعاون كما ذكرت، ويتوقف ذلك على نوع العمل الذى تتم مباشرته، فمثلاً لو كان هناك مجال إطفاء حريق معين فيكون موجوداً قوات الإطفاء تباشر عملها، وإلى جانبها ضباط من المرور يباشرون عملهم حتى لو كان أحدهم أعلى رتبة من الثانى فليس له السلطة الكافية لإصدار الأمر لآخر.
■ وماذا لو احتاج الأمر إصدار قرار موحد؟
- يتم الاجتماع والتنسيق بين المسؤولين عن ذلك الأمر والاتفاق على خطة عمل معينة، أو إجراءات يتم اتخاذها، وكل واحد يباشرها فى اختصاصه.
■ ما هو قوام تسليح قوات مديرية أمن القاهرة بوجه عام؟
- أسلحة نارية مختلفة، بدءاً من الطبنجات والآلى والرشاش والغازات المسيلة للدموع، وده يختلف حسب طبيعة عمل كل ضابط أو فرد والمهمة المكلف بها.
■ هل يمكن أن تحدد ضوابط استخدام السلاح النارى للضباط والأفراد؟
- استخدام الأسلحة النارية لا يتم إلا فى إطار الشرعية القانونية مثل الدفاع الشرعي.
■ وما هى أحوال استخدام قنابل الغاز؟
- للتدريب فقط على أعمال فض الشغب، أو ما شابه ذلك بداخل قوات الأمن.
■ هل توجد لدى مخازن السلاح أو المديرية أو الأقسام التابعة لها عهدة أو مخزون أو قنابل الغاز؟
- قنابل الغاز لا توجد إلا فى قوات الأمن.
■ وهل يوجد لدى غرف السلاح أسلحة نارية آلية؟
- موجود طبعاً فى قوات الأمن والأقسام والمديرية، وفيها مخزنان للسلاح وأنا مش متأكد إذا كان يوجد لدى مديرية الأمن أسلحة نارية آلى أم لا.. ولكن أعتقد أن هناك فى مديرية الأمن مكانين للأسلحة.
■ ما هى الإجراءات الواجب اتباعها عند مواجهة أحداث أو شغب ما؟
- تبقى عادة معلومة من مباحث أمن الدولة تخطر بها الجهات المختلفة من بينها مديرية أمن القاهرة، وطبعاً الأمن المركزى والأمن العام، وفور ورود الإخطار يتطلب معرفة العدد التقريبى للمتظاهرين وطبيعتها والغرض من المظاهرة والمكان.
■ ومن تحديداً الذى يرسل لكم إخطار المظاهرة؟
- قد يكون رئيس جهاز مباحث أمن الدولة نفسه، أو مدير أمن الدولة بالقاهرة.
■ ولمن يتم إرسال الإخطار؟
- يأتى الإخطار إلىَّ أنا، بحكم وظيفتى ويرسل نفسه إلى رؤساء الجهات المختلفة بالأمن المركزى.
■ ما هى التعليمات التى تصدر لأفراد الشرطة والضباط أثناء الخروج للمظاهرات؟
- ضبط النفس وعدم الاستجابة لاستفزازات المتظاهرين وعدم القبض على السيدات وكبار السن والشيوخ والبنات وحسن التعامل مع الإعلام، وهناك عدد من أفراد العلاقات العامة يتواجدون فى أمر الخدمة كما أنه يحظر على الأفراد أو الضباط الحاملين الأسلحة استخدامها إلا فى حالة الدفاع الشرعى وهم ضباط المباحث فقط.
■ وهل تتواجد شخصياً فى أماكن تلك المظاهرات؟
- حسب الأهمية للمظاهرة وأعدادها ومكانها واتجاهها.
■ وكيف يتعامل أفراد قوات الأمن المركزى مع المتظاهرين؟
- بيعمل كردون لتأمينهم إلى أن تنتهى المظاهرة، طالما أنها كانت سلمية.
■ وما هى الأحوال التى يجوز فيها لقوات الأمن المركزى إطلاق الأعيرة النارية الرصاص أو الخرطوش؟
- يسأل فى ذلك الأمن المركزى.. وأنا عن نفسى مشوفتش أمن مركزى ضرب نار على المتظاهرين.
■ وما هو دور مديرية أمن القاهرة فى التعامل مع المتظاهرين؟
- دورهم القبض على العناصر أو الأشخاص التى ارتكبت وقائع التخريب أو التعدى على الضباط.
■ ما معلوماتك بشأن أحداث المظاهرات التى وقعت اعتباراً من ٢٥ يناير ٢٠١١ وما بعدها؟
- ما حدث بالنسبة لهذه المظاهرات هو أنه ورد لى إخطار من مباحث أمن الدولة يوم ٢٢ يناير يفيد بأن بعض العناصر الاحتجاجية فى عدة محافظات سوف تنظم حركة احتجاجية، ومن ضمنها محافظة القاهرة يوم الثلاثاء ٢٥ يناير فى بعض الشوارع والميادين وأمام المنشآت الحيوية للتعبير عن رفض الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية وإسقاط الأجهزة الأمنية، وتم تحديد الأماكن فى محافظة القاهرة التى سيتم تنظيم الوقفات الاحتجاجية بها ومن بينها ميدان التحرير وأمام وزارة الداخلية وميدان لاظوغلى وميدان المطرية ودوران شبرا وأمام دار القضاء العالى وميدان عابدين وميدان طلعت حرب، وأفاد الإخطار بأنه تمت دعوة المواطنين والقوى الحزبية والسياسية والنقابية ومندوبى الصحف والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء للمشاركة فى ذلك التحرك، وعلى أثر ذلك دعانى وزير الداخلية للاجتماع بمكتبه بمباحث أمن الدولة فى ٦ أكتوبر، وكان يحضر الاجتماع اللواء حسن عبدالرحمن، مساعد الوزير لأمن الدولة، واللواء أحمد رمزى، مساعد الوزير للأمن المركزى، واللواء عدلى فايد، مساعد الوزير للأمن، واللواء أسامة المراسى، مدير أمن الجيزة، واللواء عمر الفرماوى مدير أمن ٦ أكتوبر بجانب أعضاء من المكتب الفنى للوزير،
وخلال هذا الاجتماع عرض الوزير تقريباً نفس المعلومات، وكلف الأمن المركزى بتأمين ميدان التحرير وجميع نطاقاته ومنافذه وحذر من إطلاق طلقة واحدة من أى جهة، وشدد على هذه الجزئية وذكر لو حصل أى شغب أو تخريب يتم التعامل من خلال الأمن المركزى.. وأنا قلت فى الاجتماع: إن آخرنا إطلاق غاز، والوزير وافق على كده وانتهى الاجتماع على هذا الحد، وبعد كده عملت اجتماع عندى فى المديرية طالبت فيه اللواء عاطف أبوشادي، مدير أمن الدولة فى القاهرة علشان لو عنده تفاصيل يقولها، وحضره اللواء أحمد رمزى وحضر اللواء نبيل بسيونى، مدير أمن قوات الأمن المركزى فى القاهرة، وحضره مديرو الإدارات العامة بالقاهرة، وقال اللواء أبوشادى إنه عمل تنسيقاً مع بعض القوى السياسية، وانتهوا إلى أن أعداد المتظاهرين رمزية من القوى السياسية، وأنا أعدت الكلام مرة ثانية على اللواء رمزى على أن يتولى تأمين منشآت التحرير ووزارة الداخلية، حسبما قرر وزير الداخلية، وكذلك مجلسا الشعب والشورى، واقترحت على اللواء رمزى أن المظاهرة سلمية ومفيش داعى للأفراد تبقى حاملة الدرع والعصا يخلوها فى العربيات لوقت الحاجة، مع إعطاء التعليمات التى سبق ذكرها بكيفية التعامل عند المظاهرة وعدم استخدام الأسلحة النارية وعدم الانسياق وراء استفزاز بعض المتظاهرين، بجانب نزول عناصر العلاقات العامة للتعامل مع رجال الإعلام وتحديد دور لكل من المديرين المشاركين بذلك الاجتماع،
وسألت اللواء رمزى إذا كان يحتاج إلى تعزيزات لقوات الأمن، وقال إنه لديه قوات كافية، وبعد ذلك تم إعداد أمر الخدمة، وراجعه نائب المدير وعرضه علىّ، وكانت وقتها الساعة وصلت إلى الثانية فجر يوم ٢٥ يناير، وفى هذا اليوم نزلت كل أفراد الخدمة وتشكيلات الأمن المركزى كل واحد يؤدى دوره، وأنا نزلت شخصياً الساعة ٩ صباحا، وتقابلت مع اللواء رمزى واللواء بسيونى واللواء عاطف أبوشادى، ومجموعة من ضباط أمن الدولة عند تقاطع شارع محمد محمود مع الميدان، وكانت الأوضاع ما زالت هادئة ولم تكن هناك تجمعات والتى بدأت فى التوافد إلى الميدان بعد ساعات، وإحنا موجودين بالميدان،
وفى حدود الساعة الخامسة عصراً كانت الأعداد قد وصلت ٦٠ ألف متظاهر كلها سلمية، والشرطة بتهزر وتتكلم معاهم ومفيش احتكاك، وفى نفس الوقت تقريباً أخطرنا أن هناك مجموعتين من الأفراد إحداهما متجهة من كوبرى قصر النيل من محافظة الجيزة وعددهم قرابة ١٥ ألفاً، والأخرى من شبرا الخيمة وعددهم حوالى ١٥ ألفاً أيضاً، وانضموا للمتواجدين فى ميدان التحرير والأعداد التى جاءت مؤخراً كانت تحاول الاحتكاك بقوات الأمن المركزى، وكانوا بيشتموا ويحدفوا طوب، أو ياخذوا عصى العساكر وبدأت الاحتكاكات تتزايد بحدف كميات كبيرة من الطوب، أو دفع قوات الأمن المركزى، وأنا فاكر أن فى اليوم ده عسكرى أمن مركزى مات ووقع على الأرض ودهسوه وبدأ ضرب الطوب والأيدى، وهذه الاشتباكات كانت تتم على فترات متباعدة دون أى رد من قوات الأمن المركزى، سوى صد الضربات،
وفى نهاية تلك الليلة اعتصم المتظاهرون بالميدان وقالوا هنبات هنا ونصبوا خيمة فى قلب الميدان مع استمرار العنف المتقطع، وحاولت مجموعة من المتظاهرين اختراق صفوف الأمن للاتجاه نحو وزارة الداخلية، وكان وقتها اليوم قد انتهى، وصدر توجيه من الوزير بصرف المتظاهرين، وطلب منى التنسيق مع رمزى لصرفهم وما اتفقت معه أن نصبر عليهم شوية وهو كان موافقنى الرأى، وقال لى هكلم الوزير ونستنى شوية، وفعلا كلمه وبدأ اللواء رمزى يستعد لتجهيز قواته لصرف المتظاهرين، لأنها مسألة بتاخد وقت وبدأ يشكل القوات على شكل رقم ٨، وترك درعاً مفتوحاً علشان لو حب المتظاهرين ينصرفوا من خلاله فى اتجاه الكورنيش، وركب عربية مدرعة وبدأ يكلمهم بالميكروفون مرة واثنين، ولكن بعض المتظاهرين بدأوا يضربوا طوب على اللواء رمزى، ولكنه أطلق تحذيرات.. ثم بدأ فى استخدام المياه وحدف الطوب زاد، مما دفع قوات الأمن إلى استخدام طلقات الصوت، ولكنه لم يأت بأثر وبدأ ضرب المتظاهرين بقنابل مسيلة للدموع، ولكنهم كانوا يردوها على قوات الأمن واستمر الحال إلى أن انصرفوا فى الساعات الأولى من صباح يوم ٢٦ يناير، وألقى القبض على بعض منهم يوم ٢٦، وجاء أيضاً عدد منهم فى اليوم التالى إلى الميدان، ولكن لم تكن هناك مشاكل، باستثناء مجموعة حاولت اقتحام مبنى وزارة الداخلية، وتم ضبطهم وعرضهم على النيابة
وفى هذا اليوم أيضاً عقد اجتماع مع الوزير بناء على خطاب آخر من أمن الدولة، يفيد الاتفاق أيضاً بوجود تجمعات أخرى، ولم يحضر هذا الاجتماع اللواء رمزى، وعلمنا أن المتظاهرين يجهزون لمظاهرة مليونية وسموها جمعة الغضب، وتم تكثيف الخدمة والانتشار على مستوى المدينة وأنا أصدرت أوامر لكل المديرين بضرورة وجود خدمة بديلة لمواجهة أى مواقف طارئة، وأصدرت قرار بسحب الأسلحة الآلية الموجودة مع الخدمات فى خط سير المظاهرة، والاكتفاء بتسليح طبنجة بالنسبة للبنوك وشركات الطيران القريبة من ميدان التحرير.
وصباح يوم الجمعة تأكدت بنفسى من انتظام الخدمة فى أماكنها وعاوز أقول إن حبيب العادلى أخبرنى فى الاجتماع الذى سبق هذا اليوم بأنه أجرى تنسيقاً مع أشخاص لم يذكرهم على قطع التليفونات المحمولة وخدمات الإنترنت، بقصد منع حدوث اتصال بين مجموعات المتظاهرين والقوى السياسية المشاركة فى المظاهرة، وأنا كنت موجوداً بنفسى فى هذا اليوم فى ميدان التحرير، وصليت هناك ولم يكن عدد المتظاهرين كثيراً قبل الصلاة، ولكن بعد الصلاة فوجئنا باتصالات كثيرة على جهاز اللاسلكى بأن مجموعات كبيرة تقترب من ميدان التحرير، وظلت الأعداد تتزايد فى الميدان، وبدأت أعمال شغب من الذين دخلوا الميدان، وبدأت الإخطارات تتوالى، وبدأ يحدث ضرب طوب بشكل عنيف على قوات الأمن وإلقاء زجاجات المولوتوف،
وفى التوقيت نفسه بدأ يصل لنا اخطار بدخول المتظاهرين الأقسام ومحاولة صدهم ومنعهم، والأعداد كانت تتزايد فى كل دقيقة والإخطارات أيضاً كانت تتوالى بزيادة المجموعات ومحاولات الهجوم على أقسام الشرطة، وتمكنوا بالفعل من اقتحام بعضها وحرقها وسرقة السلاح، وإخراج المساجين والاعتداء على الضباط، ووصلت أيضاً إخطارات بحرق مقار الأحياء وسيارات الإطفاء وعربات الأمن المركزى، وتجاوز عدد المتظاهرين فى هذا التوقيت المليون تقريبا، ومنذ تلك اللحظة بدأت تتوالى الإخطارات عن استهداف مساكن الضباط وأسرهم وسياراتهم، وفى هذا التوقيت جاء لى تليفون من الوزير يطلب فيه تكثيف الخدمات أمام مبنى التليفزيون والمتحف المصرى، وفى الوقت ده كان الأمن المركزى يتعامل بصد المتظاهرين عن طريق قنابل الغاز والصوت، وجاء لى اللواء نبيل بسيونى خلف كردون الأمن المركزى بشارع محمد محمود وعرض علىَّ فكرة طلب مساعدة من الجيش، لأنه يخشى من عدم السيطرة على الموقف، واتصلت بوزير الداخلية وأخبرته بأن قوات الأمن المركزى تحتاج إلى الجيش.. فرد الوزير بأنه «تم»، وكلمة «تم» تعنى أنه تم التنسيق مع القوات المسلحة، وبقينا نلاحظ الموقف خلف الكردونات، وجاء لى إخطار أنهم بيضربوا زجاجات مولوتوف من فوق كوبرى قصر النيل، فكلمت الأمن المركزى للتعامل مع الموقف، وبدأ وقتها نزول طلائع القوات المسلحة أمام مبنى التليفزيون حوالى الساعة السادسة مساء، وعرفت أن هناك دبابتين وصلتا إلى الوزارة، وجاءنى إخطار بأن متظاهرين اقتحموا مديرية الأمن فتوجهت إلى هناك، ولكن لم أجد شيئاً،
ولكنى كنت أسمع صوت اقتراب المتظاهرين، واتصلت بالأمن المركزى وطلبت تعزيزات أمنية، وبعدها أجريت اتصالات وعرفت أن هناك ضرب نار تجاه الوزارة استمر حوالى ساعة، بالإضافة إلى زجاجات مولوتوف، وأنا كنت أتابع المديرية وعرفت أن هناك ٧ آلاف واحد قادمين إليها، ونزلت أقف وسط الضباط لأرفع من معنوياتهم، إلى أن انصرف العيال، وطلعت جلست فى المكتب بتاعى وبدأت أتابع الخدمات لتأمين الأماكن المهمة، وفى اليوم التالى بدأت الإخطارات تتوالى بشأن التعدى على معسكرات قوات الأمن، وقتلوا «عسكرى» فى معسكر الدراسة، وجاءت إخطارات بسرقة سيارات الشرطة، ونسيت أن أقول إن مساء يوم ٢٨ كان هناك سيارات إسعاف تخرج منها طلقات نار على الخدمات فى قطاع الشرق، وكان فى تجمعات كبيرة فى شارع العروبة، وجاء لى إخطار بأنه تم اختراق السفارة الأمريكية، وأن هناك سرقة لـ٢٢ سيارة من الجراج الموجود أمام مصلحة الأدلة الجنائية، وتم عمل نشرة بالسيارات،
وفى اليوم التالى جاء إخطار آخر بتهريب المساجين وحرق سيارات، وكان معظمها متعلقاً بالمنشآت الشرطية، وبدأ المتظاهرون ينصبون خياماً فى ميدان التحرير للمطالبة برحيل الرئيس مبارك.. وفى يوم ٣٠ يناير وقع أهم حدث.. وهو محاولة هروب مساجين من سجن الاستئناف، وأمكن السيطرة عليها بالتنسيق مع الجيش الذى كان بدأ ينتشر، وأنا عملت لجاناً لحصر المسروقات وبدأت الأوضاع فى الاستقرار نسبياً.
وبدأت تجميع الضباط لرفع معنوياتهم، وكنت وقتها مقيماً فى المكتب ولم أغادره من يوم بداية السنة، وفى يوم ٢ فبراير شاهدت على التليفزيون محاولات مجموعة يمتطون خيولاً وجمالاً الدخول إلى ميدان التحرير، وحدثت اشتباكات بينهم وبين الموجودين بالميدان، واستمررت فى عملى ومتابعة الحالة الأمنية، وبعد كده جاء لى اللواء وجدى صالح، وقال لى قدم استقالتك، وفعلا قدمتها على أنها تعليمات من جهات عليا، وكان ذلك فى يوم ١٤ فبراير مساء، وأنا أقسم بالله من ساعة ما بدأت الأحداث يوم ٢٥ يناير حتى مساء يوم ٢٨ يناير لم يحدث أن أطلقت رصاصة، ولم أسمع صوت طلقة واحدة، وكنت نازل من غير سلاح ومكنتش متوقع إن الأحداث ممكن تتطور بهذا الشكل.
■ وهل سألت جهاز مباحث أمن الدولة عن أعداد المتظاهرين؟
- سألت قالوا لى بنجمع معلومات.
■ وما مضمون ما دار فى الاجتماع الذى عقده وزير الداخلية قبل يوم ٢٥ يناير؟
- الوزير حبيب العادلى دعانى إلى الاجتماع بمكتبه، وحضرت فيه قيادات الوزارة من أمن الدولة، والأمن المركزى كما قلت من قبل، والاجتماع تناول المعلومات التى جاءت فى الإخطار من أمن الدولة، وأضاف اللواء حسن عبدالرحمن وقتها أن المتظاهرين سوف يتجمعون بميدان التحرير، وكان الهدف من المظاهرات هو إسقاط الحكم القائم.
■ وما الذى انتهى إليه هذا الاجتماع؟
- تحديد أدوار لكل جهة، والوزير قال إن الأمن المركزى هو المسؤول عن ميدان التحرير ومنافذه وتأمين المظاهرة، وإذا حصل شغب يتعامل معها، وأنا قلت آخرنا غاز.
■ وهل وافق الحضور على ذلك؟
- أيوه.. كلهم وافقوا على كده.
■ وهل أطلق الأمن الغاز على المتظاهرين؟
- أيوه.
■ من الذى أصدر هذا الأمر؟ ولمن؟
- اللى أصدر الأمر هو اللواء حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، للواء أحمد رمزى، وهو قال لى أبلغه لرمزى، وكان مضمون هذا الأمر الذى جاءنى على اللاسلكى الذى يربط بين مساعدى الوزير كلهم هو ضرورة صرفهم علشان ميحصلش شلل مرورى.
■ هل تضمن ذلك الأمر كيفية صرف المتظاهرين؟
- لا، جاء الأمر مطلقاً، بضرورة صرف المتظاهرين، وذلك باعتبار أن الأمن المركزى عنده خطط جاهزة لكيفية فض المظاهرات.
■ وما الذى فهمته من هذا الأمر؟
- هو أن يتم صرف المتظاهرين سواء بالحديث، أو الأمر السلمى، أو القوة فى الحدود التى قلت عليها، ووافقت على ذلك وأبلغت به أحمد رمزى.
■ وهل كان ذلك الأمر يتناسب وحال المتظاهرين؟
- أنا عن نفسى قلت للواء أحمد رمزى استنى شوية، لأنى قلت نعطيهم فرصة ممكن يمشوا لوحدهم، وبدأ اللواء أحمد رمزى فى الساعة التاسعة مساء فى تنفيذه.
■ وهل حدثت إصابات فى هذا اليوم؟
- ورد لنا إخطار بوجود إصابات بالضباط والعساكر وتلفيات بالسيارات، ولم يرد لنا إخطار بوجود إصابات بين صفوف المتظاهرين.
■ ذكرت فى أقوالك أنه بتاريخ ٢٧ يناير أبلغت بالعزم على قطع التليفونات المحمولة وخدمات الإنترنت، من الذى أبلغك بهذا؟
- اللى أبلغنى به وزير الداخلية، حبيب العادلى، وذلك فى الاجتماع داخل مكتبه فى الوزارة، وذلك لتقليل عدد المتظاهرين، ولا أعرف كيف تم القطع، لأنه ليس دورى، وأنا شعرت وقتها إنه ممكن يفيد فى تقليل عدد المتظاهرين، ولكن على الطبيعة تبين لى أن هذا القرار أثر على إمكانيات اتصالات قوات الشرطة ببعضها، وهذا كان قراراً يدرس وخارجاً عن اختصاصى وأنا اعتقدت أن الوزير كان عامل حسابه لتأثيرات هذا القرار.
■ وما معلوماتك بشأن وقائع إطلاق النار عند مبنى وزارة الداخلية يوم ٢٨ يناير؟
- أنا سمعت بها بالليل، وذهبت إلى الوزارة ودخلت فيها، وسمعت ضرب النار، ولكن لم أعرف مصدر تلك الطلقات، ولم أعرف إن كانت أسفرت عن وقوع مصابين وقتلى من عدمه.
■ وهل صدر قرار بانسحاب قوات الشرطة من مقار عملها؟
- لا، ضباط الشرطة موجودون ومحدش انسحب.
■ ولماذا لم تنتقل إلى ميدان التحرير وقت أن اقتحمه عدد ممن كانوا يمتطون الخيول والجمال؟
- لأن الجيش هو اللى كان مسيطر على ميدان التحرير وممنوع اقتراب قوات الشرطة بأمر الجيش.
■ ولكن القرار الصادر من رئيس الجمهورية السابق هو تكليف الجيش بالحفاظ على الأمن بالمشاركة مع الشرطة.. فما قولك؟
- ميدان التحرير كله تحت سيطرة الجيش، وكان مانع دخول الشرطة، وذلك خوفاً على قوات الشرطة من اعتداء المتظاهرين عليهم، ولكن كان هناك تنسيق مع القوات المسلحة لضبط الخارجين عن القانون.
■ لو كنت تعرف أن هناك أكثر من مليون متظاهر سيحتشدون فى الميدان، فما هو كان تصرفك؟
- لو كان فى معلومة بتلك الأعداد كنا طلبنا مساعدة الجيش من الأول.
■ عدد من الضباط شهدوا فى التحقيقات بأن القوات المشاركة فى المظاهرات كانت مسلحة بأسلحة نارية؟
- محصلش، الكلام ده غير صحيح.
■ ما قولك من أن قطع خدمة الهواتف ساهم فى تفاقم الأحداث؟
- فعلاً هذا السبب قد يكون أحد الأسباب.
■ ما قولك فيما شهد به نائب مأمور قسم مصر القديمة من أنه أرسل عدة إخطارات لمديرية أمن القاهرة تفيد بتعرض القسم لعمليات هجوم وحرق ولم يتلق رداً إلا بعد يومين من الواقعة؟
- أنا كنت موجوداً فى ميدان التحرير وكان معايا ضابط نجدة وكنت أكلفه بالرد على الإخطارات.
■ ما قولك فيما قرره أحد الشهود من أن عضو مجلس الشعب أحمد شيحة، عن دائرة الدرب الأحمر جمع مجموعة من البلطجية، ودفع لكل منهم ٣٠٠ جنيه، ومدهم بالأسلحة المختلفة، وتوجه بهم مع آخرين إلى ميدان التحرير، وتعدوا على المتظاهرين، وذلك بعد تقابلهم معك؟
- أقسم بالله ماقابلتوش فى هذه الأحداث ولم يحدث هذا.
■ وما ردك على ما قاله أحد الشهود من أن مجموعة من الشرطة اعتلوا سطح مبنى الجامعة الأمريكية وأطلقوا أعيرة نارية على المتظاهرين من أعلى؟
- محصلش.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]