تخوض القيادة الفلسطينية هذه الأيام معركة دبلوماسية حازمة للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة للدولة الفلسطينية ويشرف الرئيس محمود عباس متسلحا بدعم الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج وبدعم عربي كامل وبتأييد دولي واسع شخصيا على هذه المعركة وهو يقودها بعزم واصرار شديدين ويرفض الخضوع للضغوط التي وصلت الى حد تهديد الكونغرس الأمريكي بقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية اذا أصرت على موقفها التقدم بطلب الانضمام الى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 كما أن الرئيس عباس رفض الخضوع لأي ضغوطات دولية أخرى.

وقد أكد الرئيس أبومازن خلال لقائه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك الأسبوع الماضي أنه لا يرى تناقضا بين عضوية دولة فلسطين في المنظمة الدولية والمفاوضات مع اسرائيل ذلك لأن الرئيس لا يرى سبيلا لتحقيق السلام في المنطقة وحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي الا من خلال الوسائل السلمية البعيدة عن العنف وسفك الدماء كما أنه يؤمن أن السبيل الى ذلك انما يتم من خلال مفاوضات جدية تستند الى الشرعية الدولية المتمثلة في قرارات المنظمة الأممية التي ترفض كل أشكال السيطرة والاستيلاء على أراضي الغير اضافة الى رفضها سياسة الأمر الواقع المستندة الى القوة وليس الى الحق والعدل.

والأمر المستغرب والمستهجن المواقف الغربية الساعية الى احباط الجهود الفلسطينية للحصول على العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية وذلك من خلال الضغط على الجانب الفلسطيني لثنيه عن مطلبه هذا ودون أن تقدم بديلا مقنعا للقيادة الفلسطينية ولشعبها وقد أكد الرئيس أبو مازن مرارا أن الأمريكيين لم يقدموا لنا بديلا يحملنا على التراجع عن موقفنا هذا فهم يرون العودة الى المفاوضات دون تحديد سقف زمني لانهائها بما يعمل على تحقيق السلام.

والقيادة الفلسطينية في توجهها الى الأمم المتحدة لا تريد مواجهة مع الادارة الأمريكية ولا تريد عزل اسرائيل كما يزعم البعض فقد أكد الرئيس أبو مازن في مقابلة نشرتها صحيفة النهار اللبنانية يوم الأربعاء الماضي أنه لا يسعى الى مواجهة مع الولايات المتحدة أو مع أي دولة أخرى في تقديمه لطلب انضمام دولة فلسطين كدولة كاملة العضوية الى الأمم المتحدة بل أنه يريد دولتنا الفلسطينية وشدد في المقابلة التي أجراها معه مراسل الصحيفة في نيويورك على أنه من حق الشعب الفلسطيني أن تكون له دولة معترف بها في المجتمع الدولي وأضاف هذا حقنا القانوني ونريده لرفع المعاناة الطويلة عن شعبنا اننا نطالب بحقوق الشعب الفلسطيني لدى المجتمع الدولي.

والمطلب الفلسطيني بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة ينسجم مع قرار الأمم المتحدة رقم "181" الصادر في عام 1947 والمعروف بقرار التقسيم الذي نص على اقامة دولتين في أرض فلسطين التاريخية واحدة عربية والأخرى اسرائيلية كما أنه يتناغم مع الموقف الأمريكي الداعي الى حل الدولتين والذي طرحه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن والذي تبنته الادارة الأمريكية الحالية برئاسة الرئيس باراك أوباما والذي قال في خطاب سابق له:"أنه سيأتي اليوم الذي يتبوأ فيه ممثل فلسطين مقعده في الأمم المتحدة كما أن الأمين العام للأمم المتحدة أكد خلال استقباله الرئيس عباس في نيويورك الأسبوع الماضي دعمه حل الدولتين والرئيس عباس شدد خلال لقاءاته وتصريحاته في نيويورك حيث قدم طلبه أمس الجمعة الى بان كي مون على أن طلب عضوية دولة فلسطين سيكون وفق الاجراء المتبع في الأمم المتحدة ولن يتم تعطيله وسيتم تحويله الى مجلس الأمن الدولي ودعا الاسرائيليين الى عدم اضاعة فرصة السلام على أساس حل الدولتين والاعتراف بدولة فلسطينية علما أن المماطلات التي تتبعها حكومة اسرائيل هي السبب الذي حمل القيادة الفلسطينية على التوجه الى الأمم المتحدة ذلك أن سنوات طويلة من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة لم تؤدِ الى أية نتيجة سوى استمرار سياسة التوسع والسيطرة وتسريع السيطرة على القدس مما دفع الرئيس عباس الى وقف المفاوضات التي وصفها بالعبثية لأن حكومة نتنياهو لم ترده كوسيلة لتحقيق السلام بل غاية للتغطية على مخططاتها التوسعية والتهرب من التزامات اسرائيل نحو السلام.

ان المطلب الفلسطيني بالعضوية الكاملة في المنظمة الدولية مهما كانت نتائجه نجاحا أو فشلا أكسب القضية الفلسطينية زخما جديدا وأعادها الى صدارة الأحداث وأصبحت موضع اهتمام العالم كله وجاء ذلك بعد أن انزوت هذه القضية أشهرا طويلة وبعد أن غدت في ذيل الأحداث العالمية جراء الثورات العربية وما عرف بالربيع العربي وذلك عائد للحنكة السياسية والرؤية الثاقبة للرئيس عباس ولصراحته ولوضوحه فهو لا يتكلم بلغتين انما يتكلم بلغة واحدة داخل الغرف المغلقة وخارجها وهو يتحدث مع أبناء شعبه بذات اللغة التي يتحدث بها مع الآخرين وهذا ما أكسبه تأييدا فلسطينيا واسعا حيث أن جميع مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية تشهد فعاليات واسعة ومتنوعة تأييدا لسياسة الرئيس عباس ولتوجهه الى الأمم المتحدة وقد تأكد هذا التأييد الواسع لهذه السياسة وهذا التوجه في الاستطلاع العام للرأي الذي أجراه الأسبوع الماضي في الضفة الغربية وقطاع غزة المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية حيث أعلن 83% من المستطلعة أراؤهم تأييدهم للتوجه الى مجلس الأمن للحصول على اعتراف بدولة فلسطين .

ولم يقتصر تأييد التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة على الشعب الفلسطيني وحده بل ان كثيرا من الكتاب والسياسيين الأجانب خاصة الأمريكيين أعلنوا تأييدهم هذا المطلب فقد حذر الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان في مقال نشرته صحيفة ے يوم الثلاثاء الماضي الادارة الأمريكية من استخدام حق النقض "الفيتو" ضد الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة لأن ذلك سيشكل كارثة لواشنطن ومصالحها في منطقة تتفجر بالثورات الشعبية .كما أن السفير الأمريكي المتقاعد تشارلز أو سيسل نشر في ذات اليوم وفي ذات الصحيفة رسالة الى الرئيس الأمريكي أوباما ودعاه فيها الى التفكير فقط لدقيقة واحدة في ما الذي يمكن أن يحدث لو أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت عندما يطرح الموضوع الفلسطيني على مجلس الأمن الدولي خلال الأيام القليلة القادمة وحذر من أن استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد المطلب الفلسطيني سيدمر الموقف الأمريكي في العالم الاسلامي وليس فقط في العالم العربي لأعوام قادمة وهذا التحذير جاء من سفير أمريكي خبير في الشؤون الاسلامية ذلك أنه خدم عشر سنوات في عشر دول اسلامية وحذر من اعطاء دفعة للعواطف المناهضة لأمريكا وفي ذات السياق فان مسؤولين غربيين حذروا من خطورة الوضع القائم في منطقة الشرق الأوسط اذا لم يتم تحقيق السلام حيث أكد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الأسبوع الماضي في نيويورك من أن الوضع القائم في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن يستمر وعبر عن خشيته من انفجار العنف في المنطقة وقال أمام مجلس العلاقات الخارجية في مركز الأبحاث الأمريكي أنه يجب اطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين واعتبر أن الوضع القائم غير مقبول ولا يطاق كما أن الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون هاجم سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وفشلها في التعاطي مع الادارة الأمريكية وشدد على الخطأ الكبير الذي وقعت فيه الحكومة الاسرائيلية والذي بات واضحا أمام العالم في كيفية التعاطي مع عملية السلام.

ولم يقتصر تحميل حكومة نتنياهو مسؤولية وصول السلام الى طريق مسدود على زعماء ومفكرين وكتاب غربيين مؤيدين لاسرائيل بل أن كثيرا من الكتاب والسياسيين والقادة السابقين الاسرائيليين حملوا نتنياهو شخصيا المأزق الذي تعيشه العملية السلمية فقد كتب البروفيسور أوري باريوسف المحاضر في قسم العلاقات الدولية في جامعة حيفا مقالا في صحيفة هآرتس نشرته ترجمة صحيفة ے يوم الثلاثاء الماضي أكد فيه أن سياسة اسرائيل تقود نحو الصدام ودعا الى تطبيق مبدأ الأرض مقابل السلام كما نشر عكيفا الدار في ذات الصحيفة وفي ذات اليوم مقالا حمل فيه نتنياهو شخصيا المسؤولية عن الأزمة التي تعيشها عملية السلام حاليا.

وهكذا يتبين للعالم كله أن التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة جاء جراء فشل المفاوضات في تحقيق السلام نتيجة الممارسات الاسرائيلية وأن القيادة الفلسطينية صادقة في سعيها لتحقيق السلام العادل والشامل بالوسائل السلمية وبعيدا عن العنف ومن حقها أن تكون لدولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة كبقية دول العالم،،،والله الموفق.

دائما متميز في الانتقاء
سلمت يالغالي على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمت ودام لنا روعه مواضيعك

شكرا على احلى مرور
والتى دايما تمتعنى بمرورها الجمييييييييييييييييييييييل