زواج واقعي وتفسيرات جلها أساطيرٌ وخرافات: هذه الأسئلة أوردتُها وأنا اقرأ قصة زواج الفاروق من أم كلثوم بنت علي، ثم
في الجانب الشيعي تقرأ عجبا يوصلك حد الضحك!! فقصة زواج الفاروق أصابت
الرافضة في مقتل، لذلك برز منهم من استباح الكذب وتعبد به ليبرر زواج
الفاروق من أم كلثوم، وبعضهم بلغت به الجرأة أن اعترف بنسب أم كلثوم لعلي
لكنه ادعى نسبتها لغير الزهراء بدليل أن أم كلثوم لن تقبل الزواج من رجل
ضرب أمها وأسقط أخاها الجنين المسمى بالمحسن!! ثم كسر ضلعها!! ونسي هؤلاء
البلهاء أن نسبة أم كلثوم للزهراء مثبت من كتبهم وعلى لسان مراجعهم
وأئمتهم، ومع ذلك الأمر حُكمه سيان سواءٌ كانت الزهراء هي أمُّ أمِّ كلثوم
أم هي ليست أمها!! ثم تطور الكذب عند بعض المعاصرين منهم إلى درجة التقزز
والسذاجة والسخرية بعقول الشيعة الذين لم يقبلوا هذا التناقض بين تزويج
الفاروق بأم كلثوم بنت علي وبين تكفيره! فنفوا أن يكون قد تم الزواج أصلا!!
ثم تطور الجنون فادعى بعض مجانينهم أن الزواج تم بالفعل من جنـِّية تمثلت
في أم كلثوم، لكنهم نسوا أن أم كلثوم أنجبت من الفاروق زيدا ورقية،
والتناسل بين الإنس والجن غير ممكن، وهذا لا يحدث إلا في عالم الأساطير
والخرافات!!
إثبات الزواج:ومع ثورة الإتصالات، وقراءة بعض الشيعة للسيرة والتاريخ بتمعن، لم يعودوا
يقبلون نفي هذا الزواج، وإنما يريدون حلا للغز هذا التناقض الذي يصادم
العقل والدين!!، فقد وجدوه مثبتا في كتب مراجعهم حيث أثبته:
الكليني في الكافي في الفروع (6/115)، والطوسي في تهذيب الأحكام (باب عدد
النساء ج8/ص 148) وفي (2/380)، وفي كتابه الاستبصار (3/356)، والمازنداراني
في مناقب آل أبي طالب، (3/162)، والعاملي في مسالك الأفهام، (1/كتاب
النكاح)، ومرتضى علم الهدى في الشافي، (ص 116)، وابن أبي الحديث في شرح نهج
البلاغة، (3/124)، والأردبيلي في حديقة الشيعة، (ص 277)، والشوشتري في
مجالس المؤمنين. (ص76، 82)، والمجلسي في بحار الأنوار، (ص621). وانظر
للزيادة: رسالة «زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب ـ
حقيقة لا افتراء» لأبي معاذ الإسماعيلي، فمثلا في الكافي ورد:
ــ حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن عبد الله بن سنان،
ومعاوية ابن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المرأة
المتوفى عنها زوجها أتعتد في بيتها أو حيث شاءت؟ قال:
(بل حيث شاءت، إن عليا (عليه السلام) لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها إلى بيته). كتاب الكافي الجزء 6 الصفحة 115 ..
ــ محمد بن أحمد بن يحيى عن جعفر بن محمد القمي عن القداح عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال:
(ماتت
أم كلثوم بنت علي عليه السلام وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة
لا يدرى أيهما هلك قبل فلم يورث احدهما من الآخر وصلى عليهما جميعا). تهذيب الأحكام الشيخ الطوسي ج 9 صفحة 362 – 363
زواج يسقط الإمامة والعصمة ويقر يالخلفاء الراشدين:إذن الزواج مثبت لا ريب فيه ولا شك،
ولو كنت شيعيا
جعفريا إماميا إثني عشريا ثم أيقنتُ أن الفاروق قد زوجه علي بن أبي طالب
ابنته أم كلثوم لرميت هذا الدين المستحدث وراء ظهري، فلا يمكن أن
يكون عليٌ إماما معصوما يتنازل بالإمامة لكافر ثم يبايع الكافر نفسه، ثم
يتوج هذا بتزويج ابنته من هذا الكافر!! يقول السمعاني:
"
لو كان أبو بكر وعمر كافرين لكان علي بتزويجه أم كلثوم من عمر كافراً أو فاسقا، معرضاً ابنته للزنى، لأن وطء الكافر للمسلمة زنى محض" لذلك فإلزام أن هذا الزواج أسقط الإمامة وأقر بصحة إسلام وخلافة الخلفاء الراشدين قبل علي.
في نهج البلاغة، شرح ابن أبي الحديد ص 1261 نسخة الكترونية من مواقع الشيعة:(
خطب عمر أم كلثوم بنت علي رضي الله عنه، فقال له:
إنها صغيرة، فقال زوجنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده
أحد، فقال: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها زوجتكها. فبعث! إليه ببرد، وقال
لها قولي: هذا البرد الذي ذكرته لك. فقالت له ذلك، فقال: قولي له: قد رضيته
رضي الله عنك- ووضع يده على ساقها- فقالت له: أتفعل هذا! لولا أنك أمير
المؤمنين لكسرت أنفك، ثم جاءت أباها فأخبرته الخبر، وقالت: بعثتني إلى شيخ
سوء قال: مهلاً يا بنية، إنه زوجك، فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين في الروضة،
وكان يجلس فيها المهاجرون الأولون، فقال: رفئوني ، رفئوني، قالوا: بماذا
يا أمير المؤمنين؟ فال: تزوجت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، سمعت رسول
الله يقول: "كل سبب ونسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري). نهج البلاغة ص 1261
شتم أبي الحسن وسبه والإستنقاص من رجولته:عمر رضي الله عنه عندما رفضت أم كلثوم بنت أبي بكر الصديق ـــ رضي الله
عنهما ـــ الزواج من عمر لم يستخدم الرعب والعنف والتهديد ليبلغ مقصده، فلو
فعل ذلك لانتفض الصحابة ضده ولـَمَا قبلت أم المؤمنين عائشة أن تتزوج
أختها بالإكراه من الفاروق!! لذلك علي بن أبي طالب وأبناؤه وبنوهاشم لم
يكونوا يقبلون أن يزوجوا عمرَ بأم كلثوم رغما عنهم، فكيف يدعي الشيعة هذا
الإكراه والجبر وعلي بن ابي طالب بطل الأبطال وأشجع الشجعان مؤيد بالعصمة
والولاية التكوينية؟
كيف يصفون عليا بالجبن والخوف والهلع من عمرَ ويصفون
الزواج بالزواج القهري من جهة، ويصفونه أحيانا بالزواج المصلحي لحفظ بيضة
الإسلام من جهة أخرى؟ فأي بيضة للإسلام حفظها هذا الزواج القهري والمصلحي والصحابة عند الرافضة قد ارتدوا جميعا ما عدا نفرٌ قليلٌ منهم هم بضعة أشخاص؟
يقول جعفر مرتضى العاملي في ظلامة أم كلثوم يريد إثبات زواج عمر من أم كلثوم جبرا وغصبا:((3 ـ وحتى لو صح الحديث عن أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد مات وهو
راض عنه (يقصد عمرَ)، فهل ينفعه ذلك، وهو قد عاد ليغضب ابنته التي يرضى
الله لرضاها ويغضب لغضبها، ويعتدي عليها بالضرب المبرح، ويسقط جنينها ويسعى
بإحراق بيتها بمن فيه؟!..
4 ـ وحتى لو ادعى الجاحظ أن علياً (عليه السلام) قد زوجه طائعاً راغباً..
فإن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ما زالوا يعلنون أنه قد زوجها مكرهاً مع
بيان تفاصيل التهديدات التي تعرض لها.
5 ـ بل إن نفس رواية الجاحظ قد صرحت بأن علياً قد أقسم على أنها كانت صغيرة لم تبلغ.))
ويقول العاملي:((إن السيد المرتضى، والشيخ الطوسي وغيرهما وإن كانا قد قبلا بوقوع هذا
الزواج لكنهم استناداً إلى كثير من الأدلة والشواهد الواردة في كتب السنة
والشيعة قد أكدوا على حالة الإكراه التي تعرض لها علي أمير المؤمنين عليه
السلام، حتى قبل بهذا الزواج.
قال السيد المرتضى(رحمه الله): "فلم يكن ذلك عن اختيار، والخلاف فيه مشهور،
فإن الرواية وردت بأن عمر خطبها إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فدافعه
وماطله، فاستدعى عمر العباس فقال:
ما لي؟! أبي بأس؟! فقال: ما حملك على هذا الكلام فقال: خطبتُ إلى ابن أخيك فمنعني لعداوته لي، والله لأعورنّ زمزم ولأهدمن السقاية..))..
فهل يُعقل أن أحدا من الهنود السيخ أو الهندوس أو البربر أو العرب العاربة
أوالمستعربة، أو من عامة خلق الله أو من قليلي الغيرة والشرف يرضى أن يزوج
ابنته ممن يكره؟ فكيف عندما يتعلق الأمر بشريف وصاحب نسب رفيع؟ بل كيف إذا
كان هذا الشريف من بيت النبوة وله كلمة مسموعة عند الناس؟ بل كيف بالله
عليكم!! هل هناك زواج بالإكراه يعقبه حبٌ ووئام وإنجاب؟
أين العقول لتتحرر من تبعية العبودية وتسلك السبيل القويم لمعرفة الحق المبين؟
سيرة أم كلثوم مع الفاروق:كان الفاروق رضي الله عنه يقضي حوائج المسلمين بنفسه ، ولم تكن زوجه أم
كلثوم بنت علي – رضي الله عنها- أقل منه رتبة في هذا الشأن ، فقد كانت تشد
أزره في الخيرات ، وتشركه في تخفيف الألام عن الناس ، وكيف لا؟ وهي سليلة
بيت النبوة الطاهر؟! وزوج التقي عمر ؟ فكلما رفع الفاروق راية الخير تلقتها
أم كلثوم باليمين لتفوز بالأجر والثواب ورضى رب العباد، وقد رضيت بحياة
التقشف والزهد مع عمر وآلام شظف العيش رغم أنه كان يملك أقوى دولة في
العالم بأسره.
من مواقفها المؤثرة : لما كانت الليلة التي أصيب فيها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أتاه مؤذنه
عامر بن النباح حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة ، فقام يمشي ، فلما بلغ الباب
الصغير، شد عليه عبد الرحمن بن ملجم فضربه ، فخرجت أم كلثوم فجعلت تقول:
ما لي ولصلاة الصبح ، قتل زوجي عمر صلاة الغداة ، وقتل أبي صلاة الغداة .وأدخل ابن ملجم على الخليفة علي بن أبي طالب، فقالت له أم كلثوم : أقتلت يا
عدو الله أمير المؤمنين ؟ قال : لم أقتل إلا أباك . فقالت : والله إني
لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين بأس . قال : فلِم تبكين إذا ، والله قد
سممت السيف شهرا ، فإن أخلفني الله فأبعده الله وأسحقه ، ولو كانت الضربة
على جميع أهل المصر ما بقي منهم أحد،
وتوفي علي رضي الله عنه من أثر الضربة المسمومة ، وبكته ابنته أم كلثوم بكاء شديدا.
أم كلثوم وابنها زيد بن عمر :توفي زيد شابا ، وسبب وفاته كما يقول المؤرخون أن فتنة وقعت في بني عدي
ليلا فخرج زيد ليصلح ذات بينهم ، فضربه رجل منهم في الظلمة فشجه وصرعه ،
وخرجت أمه وهي تقول :
يا ويلاه ، ما لقيت من صلاة
الغداة، وذلك أن أباها وزوجها وابنها قتل كل واحد منهم في صلامة الغداة ثم
وقعت عليه فقُبضت هي وابنها في ساعة واحدة .
وحضر جنازيتهما الحسن والحسين وعبدالله بن عمر –رضي الله عنهم أجمعين- ،
فقال ابن عمر للحسن : تقدم فصلّ على أختك وابن أختك ، فقال الحسن لابن عمر :
بل تقدم فصلّ على أمك وأخيك، فتقدم ابن عمر رضي الله عنهما فجعل زيدا مما
يليه ، وأم كلثوم وراءه ، فصلى عليهما وكبر أربعا ، وخلفه الحسن والحسين
رضي الله عنهم .
من مناقب أم كلثوم رضي الله عنها التي انفردت بها: أم كلثوم هي المرأة القرشية الوحيدة التي شهد أبوها وجدها وزوجها بدرا،
فجدها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبوها علي بن أبي طالب رضي الله
عنه، وزوجها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه..