القدس- من علي
سمودي - عنوان يجسد المعاناة المريرة للاسرى والمفقودين في منافي الاحتلال
، سلط من خلاله الباحث المختص في قضايا الاسرى عبد الناصر فروانة مدير
دائرة الاحصاء في وزارة الاسرى الضؤ على هذه القضية مطالبا بابتكار اليات
وبرامج نضال جديدة تنتصر لهذه القضية والتي اعتبرها بمثابة الصوت الذي
يقرع خزان ذاكرتنا هذه الأيام ،صوت الشهيد " غسان كنفاني " الذي يردد على
مسامعنا كل يوم ، بل كل ساعة ودقيقة ما الذي تبقى لكم؟، اقرعوا جدار الخزان
قبل أن تموتوا أو نموت معا ، فإذا كانت الشعوب تعيش في أوطان وتنعم
بالحرية والاستقلال ، فنحن شعب نصفه يعيش في سجن هو الأكبر في العالم اسمه "
قطاع غزة " ، ونصفه الآخر يعيش في مناطق يسعى الاحتلال لتحويلها لـ "
كانتونات " تقطعها الحواجز والجدار العنصري ، أو في مقابر علنية وسرية
سُميت بالسجون والمعتقلات ، وإما أن تكون ظاهرة فوق الأرض أو في جوفها ،
للأحياء منهم والأموات على حد سواء . واضاف في تقرير نشره امس ، تعددت
الأسماء والسجون واحدة ،لتصبح سجن هي كل بلادي ، فـفلسطين كلها خلف القضبان
، ولم تعد هنالك بقعة في فلسطين إلا وأقيم عليها سجنا أو معتقلا أو مركز
توقيف ، كما لم تعد هناك عائلة فلسطينية واحدة، إلاَّ وتعرض أحد أفرادها أو
جميعهم للإعتقال ،واضاف "إذا كان " غسان كنفاني " قد قال قبل استشهاده
عام 1972 " إما عظماء فوق الأرض أو عظاماً في جوفها " .. فالواقع الفلسطيني
اليوم ينطبق عليه مقولة " إما أسرى فوق الأرض أو أسرى في جوفها " !

استهداف الاحتلال

فسلطات الاحتلال لم تستهدف الأحياء فقط ، وإنما استهدفت الأموات أيضاً ،
والأرقام مذهلة ومؤلمة ، مضيفا " فقرابة ( 750 ) ألف مواطن فلسطيني ذاقوا
مرارة الاعتقال منذ العام 1967 ، وأن تلك الإعتقالات لم تقتصر على شريحة
محددة أو فئة معينة ، وانما شملت كل فئات وشرائح الشعب ، فيما لا يزال يقبع
في سجون الاحتلال قرابة ( 6000 ) فلسطيني ، بينهم ( 34 ) أسيرة ، و( 270 )
طفلاً ، و( 21 ) نائبا في المجلس التشريعي بالإضافة إلى وزيرين سابقين ،
وعشرات القادة السياسيين ومئات المرضى ممن يعانون من أمراض خطيرة ومزمنة
وخبيثة وعشرات المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة . مذكرا بأن اسرائيل تعتقل (
299 ) أسيرا منذ ما قبل أوسلو وقيام السلطة آيار 1994 ، ويوجد بينهم ( 142
) أسيراً قد مضى على اعتقالهم عشرين عاما هم " عمداء الأسرى "،وبين هؤلاء "
جنرالات الصبر "من مضى على اعتقالهم أكثر من خمسة وعشرين عاماً وعددهم (
45 ) أسيراً، بينهم أربعة أسرى معتقلين منذ أكثر من واحد وثلاثين عاماً .

الأسرى العرب

واشار
فروانه إلى وجود ( 48 ) أسيرا عربيا ( 24 من الأردن ، و15 من مصر و8 من
هضبة الجولان السورية ، و أسير استرالي من أصل سعودي ) ، اعتقلوا على خلفية
الصراع العربي الإسرائيلي ووجهت لهم تهم في هذا السياق ،وبعضهم حوكم
لسنوات طويلة تصل للمؤبد، بالإضافة إلى عشرات آخرين اجتازوا الحدود لأسباب
مختلفة ، فيما هناك المئات من العرب يعتبروا في عداد المفقودين ويُجهل
مصيرهم ، ويُعتبر الأسير العربي " صدقي المقت " من هضبة الجولان السورية
المحتلة والمعتقل منذ أغسطس 1985 هو أقدمهم .

الأسرى ليسوا مجرد أرقام ...

وشدد
فروانة على ضرورة وقف التعامل مع قضية الاسرى كمجرد أرقام وإحصائيات ،
فلكل واحد من هؤلاء الأسرى قصة وحكاية ، بدأت ولم تنتهِ بعد ، تُذرف لها
الدموع لقساوتها ، وتعتصر القلوب ألما لإستمرار فصولها ، وفيما لو وثقت تلك
الحكايات ودونت فإنها تملأ مئات المجلدات قد تصلح لأن تكون سيناريوهات في
سينما " هوليود " . واضاف أولئك الأسرى يُحتجزون في ظروف قاسية ، ويتلقون
معاملة غير إنسانية ويتعرضون يوميا لانتهاكات جسيمة ترتقي إلى مصاف جرائم
حرب وفقا للتوصيف الدولي ، والأخطر ان الاحتلال ينتهك القانون الدولي
الإنساني ويعلن ذلك جهارا ،بل وشرَّع الانتهاكات بحق الأسرى بهدف التضييق
عليهم والانتقام منهم ومن ذويهم ، وأجاز ممارستها وسن وأقر مجموعة من
القوانين والإجراءات ، وصادق عليها رأس الهرم السياسي " نتانياهو " ومن
قبله " أولمرت " بمباركة كافة الجهات السياسية والقضائية والقانونية
والتشريعية ما منح الحصانة القضائية لمقترفيها وفتح الباب على مصراعيه لكل
العاملين في إدارة السجون لارتكاب المزيد ، وهذا ما يُفسر تصاعد الانتهاكات
والجرائم بحق الأسرى والأسيرات في السنوات الأخيرة ، مما يستدعي التحرك
لإنقاذ حياتهم وضمان عودتهم سيرا على الأقدام كما اقتيدوا لحظة الاعتقال ،
لا محملين على الأكتاف في توابيت الموت كما عاد ( 202 ) أسيراً ، أو مصابين
بأمراض خطيرة ورثوها عن السجون وظلت تلاحقهم إلى ما بعد الخروج من السجن
فكانت سببا في وفاة المئات منهم .

إخفاء واختفاء المعتقلين والمواطنين من سمات الدولة العبرية

المفقودين

واشار فروانه، الى ان هناك مئات آخرين اعتبروا في تعداد " المفقودين "
ولكن لربما هم أحياء في السجون السرية ، أو شهداء ومحتجزة جثامينهم في "
مقابر الأرقام " ، أو أنهم اعتقلوا ومن ثم أعدموا وسرقت أعضائهم وتناثر ما
تبقى من أشلائهم ولم يتبقَ من جثامينهم شيئا ، واضاف " فوجود سجون
ومعتقلات سرية ، وإخفاء واختفاء المعتقلين والمواطنين العُزل هي من سمات
الدولة العبرية على مدار سنوات احتلالها لفلسطين ، وأن السجن السري ( 1391 )
أو كما يُطلق عليه غوانتانامو الإسرائيلي هو أفظع بكثير من نظيره الأمريكي
.واشار لوجود العديد من السجون الإسرائيلية السرية التي يُحتجز فيها عشرات
العرب والفلسطينيين ممن يُعتبروا " مفقودين " دون أن تعترف " اسرائيل "
باحتجازهم لديها رغم وجود شواهد تشير إلى وجودهم في سجونها . وذكر بأن
عائلات فلسطينية ومن قبلها لبنانية وأردنية عديدة قد تقدمت بشكاوى تشير إلى
اختفاء أبنائها وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم ، لكن سلطات الاحتلال، تنفي
ذلك ، وتنكر احتجازهم أو حتى معرفتها بمصيرهم ، وهذا ما يدفعنا إلى الربط
ما بين المفقودين والسجون السرية ومقابر الأرقام وحتى سرقة الأعضاء.

أموات محتجزون في الأسر

واشار فروانه، الى ان احتجاز جثامين الشهداء ومعاقبتهم بعد موتهم ، لم
تعد عملا استثنائيا وانما هي ممارسة دائمة وجزء أساسي من سياستها في
تعاملها مع الفلسطينيين والعرب ، و" اسرائيل " تعمدت منذ احتلالها لباقي
الأراضي الفلسطينية عام 1967، إلى معاقبة الشهداء بعد موتهم ، ومضاعفة آلام
وأحزان ذويهم ، وحرمانهم من إكرامهم ودفنهم وفقاً للشريعة الإسلامية ، وفي
أحياناً كثيرة استخدمت بعض الجثامين كورقة للمساومة والإبتزاز ، واضاف وهي
تُعتبر الوحيدة في العالم التي تُعاقب الإنسان بعد موته ، وتحتجز جثمانه
لسنوات وعقود في ما يسمى مقابر الأرقام الجماعية ، وتصدر بحقهم أحكاما
متفاوتة بالسجن الفعلي تحت الأرض . واكد فروانه ، ان احتجاز رفات الشهداء
من أكبر الجرائم الانسانية والدينية والقانونية والأخلاقية التي ترتكبها "
اسرائيل "، وهي ممارسة تخالف القوانين الدولية واتفاقيات جنيف الرابعة التي
تمنع احتجاز رفات الشهداء وتلزم دولة الاحتلال بتسليمهم الى ذويهم واحترام
كرامة المتوفين ومراعاة طقوسهم الدينية خلال عمليات الدفن. وتفرض المادة
(130) من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة (34) من البروتوكول الإضافي الأول
الملحق باتفاقيات جنيف، الذي يعتبر جزءاً من القانون الدولي العرفي الملزم
لجميع الدول، بشكل صريح دفن المعتقلين المتوفين أو من يسقطون في أعمال
القتال باحترام وإتباع إجراءات تتناسب وثقافتهم الدينية وبمجرد أن تسمح
الظروف عليها واجب تقديم بيانات ومعلومات وافية عنهم، وحماية مدافنهم
وصيانتها وتسهيل وصول أسر الموتى إلى مدافن الموتى واتخاذ الترتيبات
العملية بشأن ذلك، وتسهيل عودة رفات الموتى وأمتعتهم الشخصية إلى وطنهم .

يبقى للمقاومة كلمة الحسم

وما
بين حرية الأسرى واستعادة جثامين الشهداء المحتجزة في " مقابر الأرقام " ،
ومعرفة مصير المفقودين من الفلسطينيين والعرب ، يقول فروانه " يبقى
للمقاومة الوطنية والإسلامية ، الفلسطينية والعربية ، كلمة الفصل والحسم ،
وعلى الرغم مما بُذلته السلطة الوطنية في اطار " العملية السلمية " وما
حققته من انجازات على هذا الصعيد ونجاحاتها في اطلاق سراح آلاف الأسرى
واستعادة عدد محدود من جثامين الشهداء ، إلا انها لم تتمكن من فرض شروطها ،
ولم تنجح في تحطيم المعايير الإسرائيلية ، وبالتالي عجزت عن اغلاق تلك
الملفات" .

واشار الى ان المقاومة تمكنت في مرات عدة من فرض
شروطها وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه المفاوضات السياسية ، عبر صفقات التبادل
الذي أفرج بموجبها عن آلاف الأسرى واستعادة مئات الجثامين ، وسجل المقاومة
الفلسطينية واللبنانية حافل بعشرات صفقات التبادل ، كان آخرها صفقة التبادل
ما بين حزب الله ودولة الإحتلال في تموز 2008 والتي تحرر بموجبها عميد
الأسرى العرب " سمير القنطار " واستعادة رفات ( 199 ) شهيدا فلسطينيا
وعربيا . ودعا فروانه المقاومة الفلسطينية التي تحتجز الجندي الإسرائيلي "
جلعاد شاليط " منذ حزيران / يونيو 2006 في قطاع غزة ، لاضافة انتصارا
جديداً لسجل انتصارات المقاومة ، وأن تنجح في فرض خياراتها ، بما يضمن عودة
الأسرى القدامى ورموز المقاومة الى بيوتهم وأحبتهم واستعادة جثامين
الشهداء المحتجزة لدى الإحتلال كي تتمكن عائلاتهم من دفنهم في مقابر أعدت
ذلك ، في اطار صفقة تبادل مشرفة ومقبولة فلسطينيا .

دعيني أنحي قلمي قليلا
أقف أحتراما لكِ
ولقلمك
وأشد على يديك لهذا الابداع
الذي هز أركان المكان

شكرا على احلى مرور
والتى دايما تمتعنى بمرورها الجمييييييييييييييييييييييل