الآية الكريمة جمعت الحروف العربية كلها .. وهذ الآية هي الآية (29) من سورة الفتح .. وهي سورة مدنية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في الطريق عند الانصراف من الحديبية .. ونزلت بعد الجمعة .. وهي في الجوزء (26) من القرآن وعدد آياتها (29) آية . ولما نزلت هذه السورة قال صلوات الله عليه: "لقد أنزلت علي الليلة سورة هي أحب إلى من الدنيا وما فيها " - إنا فتحنا لك فتحاً مبينا) - أخرجه الإمام أحمد .
هل هذه التعابير والجمل جمل إخبارية أعني أنه تحقق منهم ذلك فهم أشداء على الكفر رحماء بينهم ... ) أم أنها إنشائية طلبية أي كونوا أشداء على الكفار رحماء بينكم...) الذي يبدو لي أنها إنشائية طلبية أي كونوا هكذا فمن يكون هكذا فأن له الجنة والخلود إذ لو كانت إخبارية وتعني أنهم متصفون بهذه الصفات ـ لا أنهم مأمرون بذلك فما معنى قوله سبحانه وتعالى { وعد الله الذين أمنوا منهم وعملوا الصالحات مغفرة وأجرا عظيما } فآخر الآية توحي بوضوح بانتفاء إرادة الإخبار في الجمل السابقة وإلا لقال سبحانه وتعالى ( وعدهم مغفرة وأجرا عظيما ) لأن من اتصف بما سبق فقطعا هو مؤمن وعمل الصالحات ! أليس كذلك ؟! فلما يخص بالأجر والمغفرة من عمل منهم الخير والأعمال الصالحات ؟! إذن بحمل الجمل السابقة على الإخبار نقع في التناقض ويرتفع هذا التناقض بجعلها جملا إنشائية فهي على حد قولنا مثلا في الصلاة ( سمع الله لمن حمد ) فظاهرها الإخبار أي أن الله سمع لهم وقطعا المراد ليس الإخبار وإنما أنت تدعو الله بأن يسمع لمن حمده ويستجيب لهم فهي جملة طلبية دعائية لا إخبارية وإن كانت في الظاهر إخبارية كما لا يخفى على الجميع ...هذا إن قلنا أن من في الآية بيانية كما يريد الأخوة السنة وإن قلنا أنها للتبعيض فالأمر واضح ويقوي كونها للتبعيض دخولها على الضمير ( منهم ) والبيانية لا تدخل على الضمائر فيما أعلم .