الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: غزوة بني النضير الجمعة مارس 05, 2010 3:19 am
غزوة بني النضير
وكان السبب في ذلك أن عمرو بن أمية لما انفلت من رعل وذكوان وعصية وجاء إلى رسول الله وأخبره بقتل أصحاب بئر معونة لقيه في الطريق رجلان من بني عامر، وقد كان معهم عهد من رسول الله وجوار لا يعلم عمرو بذلك، فلما نزلا سألهما عمرو: من أنتما؟ قالا: رجلان من بني عامر، فأمهلهما حتى إذا ناما عدا عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه قد أصاب ثأرة من بني عامر بما أصابوا من أصحاب بئر معونة. فلما أخبر رسول الله قال: بئس ما عملت قد كان لهما مني جوار. وكتب عامر بن الطفيل إلى رسول الله إنك قد قتلت رجلين لهما منك جوار فابعث بديتهما، فانطلق رسول الله إلى قباء ثم مال إلى بني النضير ليستعين في ديتهما ومعه نفر من المهاجرين، فجلس رسول الله إلى مجلسهم فاستند إلى جدار هناك فكلمهم، فقالوا: أنى لك أن تزورنا، يا أبا القاسم نفعل ما أحببت، فأقم عندنا حتى تتغدى، وتآمروا بينهم، فقال عمرو بن جحاش بن عمرو بن كعب: يا معشر بني النضير! والله لا تجدونه أقرب منه الساعة! أرقى على ظهر هذا البيت فأدلي عليه صخرة فأقتله بها، فنهاهم سلام بن مشكم فعصوه. وصعد عمرو بن جحاش ليدحرج الصخرة، وأخبر الله جلا وعلا رسوله فقام كأنه يريد حاجة، وانتظر أصحابه من المسلمين فأبطأ عليهم، وجعلت اليهود تقول: ما حبس أبا القاسم! فلما أبطأ على المسلمين انصرفوا، فقال كنانة ابن صوريا: جاءه والله الخبر الذي هممتم به! فلقي أصحاب النبي رجلا مقبلا من المدينة فقالوا: أرأيت رسول الله ؟ فقال: رأيته داخلا المدينة، فانتهوا إليه وهو جالس في المسجد فقالوا: يا رسول الله! انتظرناك فمضيت وتركتنا، فقال: هممت اليهود بقتلي، ادعوا لي محمد بن مسلمة، فأتي بمحمد، فقال: اذهب إلى اليهود فقل لهم: اخرجوا من المدينة، لا تساكنونني وهممتم بما هممتم من الغدر. فجاءهم محمد بن مسلمة فقال لهم: إن رسول الله يأمركم أن تظعنوا من بلاده، فقال: يا محمد، ما كنا نظن أن يجيئنا بهذا رجل من الأوس، فقال محمد ابن مسلمة: تغيرت القلوب ومحا الإسلام العهود، فقالوا: نتحمل، فأرسل إليهم عبد الله بن أبي: لا تخرجوا فإن معي ألفي رجل من العرب يدخلون معكم، وقريظة تدخل معكم. فبلغ الخبر كعب بن أسد صاحب عهد بني قريظة، فقال: لا ينقض العهد رجل من بني قريظة وأنا حي. فأرسل حيي بن أخطب إلى رسول الله وكان من سادات بني النضير: إنا لا نفارق ديارنا فاصنع ما بدا لك! فكبر رسول الله والمسلمون وقال: حاربت يهود. ثم زحف إليهم رسول الله يحمل لواءه علي بن أبي طالب، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، حتى أتاهم فحاصرهم خمسة عشر يوما، وقطع نخلهم وحرقها، وكان الذي حرق نخلهم وقطعها عبد الله بن سلام وعبد الرحمن بن كعب أبو ليلى الحراني من أهل بدر، فقطع أبو ليلى العجوة، وقطع ابن سلام اللون، فقال رسول الله : لم قطعتهم العجوة؟ قال أبو ليلى: يا رسول الله كانت العجوة أحرق لهم وأغيظ، فنزل ما قطعتم من لينة أو تركتموها الآية، فاللينة ألوان النخل، والقائمة على أصولها العجوة، فنادوا: يا محمد! قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه فما لك وقطع النخل وتحريقها. ثم تربصت اليهود نصرة عبد الله بن أبي إياهم، فلما لم يجئ وقذف الله في قلوبهم الرعب صالحوا رسول الله على أن يحقن لهم دماءهم وله الأموال، وينجلون من ديارهم على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم. فاحتملوا من استقلت به الإبل، حتى أن كان الرجل منهم يهدم بيته فيضع بابه على ظهر بعيره فينطلق به، وخرجوا إلى خيبر وذلك قوله يخربون بيوتهم بأيديهم الآية. ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان: يامين بن عمير بن كعب، وأبو سعد بن وهب، أسلما على أموالهما، فأحرزاها، فقسم رسول الله غنائمهم على المهاجرين، فأنزل الله سورة الحشر إلى آخرها. ثم رجع رسول الله إلى المدينة، ثم بعث رسول الله أبا سلمة بن عبد الأسد إلى ماء لبني أسد، فقتل عورة بن مسعود الأنصاري وغنم نعما وشاء، ورجع إلى المدينة. ومات عبد الله بن عثمان بن عفان وهو ابن ست سنين، فصلى عليه رسول الله ، ونزل في حفرته عثمان بن عفان. ثم ولد الحسين بن علي بن أبي طالب لليالي خلون من شعبان. بدر الموعد
وذلك أن أبا سفيان لما انصرف من أحد قال لرسول الله : موعدك بدر الموسم، وكان بدر موضع سوق لهم في الجاهلية، يجتمعون إليها في كل سنة ثمانية أيام، فلما قرب الميعاد جهز رسول الله لغزوة الموعد. وكان نعيم بن مسعود الأشجعي قد اعتمر وقدم على قريش فقالوا: يا نعيم! من أين وجهك؟ قال: من يثرب، قالوا: هل رأيت لمحمد حركة؟ قال: نعم تركته على هيئة الخروج ليغزوكم ـ وذلك قبل أن يسلم نعيم، فقال له أبو سفيان: يا نعيم! إن هذا عام جدب ولا يصلحنا إلا عام غيداق ترعى فيه الإبل الشجر ونشرب اللبن، وقد جاء أوان موعد محمد، فالحق بالمدينة فثبطهم وأخبرهم أننا في جمع كثير ولا طاقة لهم بنا حتى يأتي الخلف منهم، ولك عشر فرائض أضعها لك على يد سهيل بن عمرو! فجاء نعيم سهيلا فقال: يا أبا يزيد! تضمن لي هذه الفرائض وانطلق إلى محمد فأثبطه؟ فقال: نعم. فخرج نعيم حتى أتى المدينة، فوجد الناس يتجهزون فجلس يتجسس لهم ويقول: هذا ليس برأيي قدموا عليكم في عقر دوركم وأصابوا فتخرجون إليهم، ليس هذا برأيي، ألم يجرح محمد بنفسه! ألم يقتل عامة أصحابه! فثبط الناس عن الخروج حتى بلغ رسول الله ، قال: والذي نفسي بيده! لو لم يخرج معي أحد خرجت وحدي. ثم خرج رسول الله والمسلمون في شهر رمضان، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة، ومع المسلمين تجارات كثيرة، حتى وافوا بدر الموعد فأصابوا بها سوقا عظيما، وربحوا لدرهم درهما، ولم يلقوا عدوا. ثم رجع رسول الله إلى المدينة. ثم تزوج رسول الله بأم سلمة بنت أبي أمية وفي شوال، ودخل بها في ذلك الشهر، وكانت قبله تحت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي. ثم رجم رسول الله يهوديا ويهودية تحاكما إليه وكانا محصنين. وأمر رسول الله زيد بن ثابت أن يتعلم كتاب اليهود وقال: إني لا آمن أن يبدلوا كتابي! فتعلم زيد بن ثابت ذلك في خمسة عشر يوما. سرية الخزرج إلى سلام بن أبي الحقيق
وذلك أنه كان مما صنع الله به لرسوله أن هذين الحيين من الأنصار الأوس والخزرج كانا يتصاولان مع رسول الله تصاول الفحلين، لا تصنع الأوس شيئا فيه عن رسول الله غناء إلا قالت الخزرج: والله لا يذهبون بهذه فضلا علينا عند رسول الله في الإسلام! قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا فعلت الخزرج شيئا قالت الأوس مثل ذلك، فلما أصابت الأوس كعب بن الأشرف قالت الخزرج: من رجل في العداوة لرسول الله ككعب بن الأشرف، فذكروا سلام بن أبي الحقيق بخيبر، فاستأذنوا رسول الله في قتله، فأذن لهم ونهاهم عن قتل النساء والولدان. فخرج عبد الله بن عتيك وعبد الله بن أنيس ومسعود بن سنان وأبو قتادة بن ربعي بن بلدمة بن سلمة وخزاعي بن أسود حليف لهم من أسلم، حتى قدموا خيبر فدخلوا على سلام بن أبي الحقيق داره ليلا، ولم يبق في الدار بيت إلا أغلقوه، ثم صعدوه في درجة إلى علية له فضربوا عليه بابه، فخرجت امرأته وقالت: من أنتم؟ قالوا: نفر من العرب أردنا الميرة، فقالت: هو ذاك في البيت، فدخلوا عليه وغلقوا الباب عليهم، فما دلهم عليه إلا بياضه في ظلمة البيت وكان قبطي، فابتدروه بأسيافهم، وتحامل عليه عبد الله بن أنيس فوضع سيفه في بطنه، وهتفت امرأته، وخرجوا. وكان عبد الله ابن عتيك أمير القوم وكان في بصره شيء، فسقط من الدرجة فوثئت يده وثأ شديدا. فلما قدموا على رسول الله وأخبروه، واختلفوا في قتله وادعى كل واحد منهم أنه قتله، فقال رسول الله : هاتوا سيوفكم، فأعطوه، فنظر فقال: سيف عبد الله بن أنيس هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام.