الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: بورسعيد يختطفها القراصنة الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 1:05 pm
بورسعيد يختطفها القراصنة
بقلم خالد منتصر ٦/ ١٢/ ٢٠١١
أنا من عشاق مدينة بورسعيد، من الممكن أن تكون صلة النسب القديمة بينهم وبين أجدادى الدمايطة هى سبب هذا العشق، من الممكن أن تكون جلسات السمر فى زمن الهجرة بين البمبوطى فنان البحر والأويمجى فنان الخشب هى وقود هذا العشق، المهم أننى أعشق هذا البلد الجميل، أدمنت زيارته المضمخة بعطر بيوته الخشبية المزركشة ورائحة أسماك «الكاستن» الشهية ودردشة وذكريات حرفنة المرحوم الكاستن مسعد نور وأستاذه السنجق وقعدة منتصف الليل جنب قاعدة ديليسبس على الكورنيش ولكنة أبناء البلد المميزة ولهجتهم الدمياطية المعدلة وحتى نكاتهم التى يطلقونها هم أنفسهم على أبوالعربى!!.
كل بورسعيدى أقابله الآن خاصم الضحكة وصاحب الاكتئاب، فقد رنة ضحكته المجلجلة، فقد صارت المدينة الجميلة الباسلة نهباً للخطف والهبش والنهب، صارت ساحة للبلطجية يقتنصون أبناءها من على طرق السفر ويطلبون من عائلاتهم فدية!! أصبحت سيارات بورسعيد علامة مسجلة، صيداً ثميناً للسرقة والفصال والتهديد والابتزاز، والمصيبة أن البلطجية معروفون ومحددون، والجزيرة التى يعيشون فيها فى بحيرة المنزلة التى يذهبون منها إلى بورسعيد باللنشات معروفة ومحددة بالاسم والسنتيمتر، ولكن ما من مجيب ولا من رقيب.
صارت المنطقة الحرة حرة فعلاً ولكن من البوليس والأمن والأمان، هاتفنى صديق بورسعيدى يعمل فى شركة ملاحة كبيرة، صرخ قائلاً «عم عادل عبدالسلام السواق اتخطف، كان رايح يجيب صاحب الشركة من المطار واختفى هو والعربية الـ(بى. إم. دبليو)، طلب الخاطفون اتنين مليون جنيه»!!
قبلها سمعنا عن الحاج الكيلانى الذى مات من الحسرة والنكد بعد أن أفرج عنه الخاطفون لقاء ما يقرب من نصف مليون جنيه، وسمعنا عن كلاى الذى دفع أكثر لفك أسره، والشطوى الذى اختطفوا ابنه أو بنته ودفع الفدية.. وغيرهم وغيرهم، هل نحن فى غابة؟ هل صارت بورسعيد فى صحراء الربع الخالى وعادت إلى زمن قطاع الطرق وسارقى القوافل؟ هل بطالة البلطجية فى الانتخابات انقلبت ناراً وجحيماً على سكان هذه المدينة الجميلة؟
جزيرة فى بحيرة المنزلة هى المورد الرئيسى لبلطجية الخطف والقنص وقطع الطريق، رجال الأمن فى بورسعيد يعرفونها ويعرفون اللواء الذى كان يستخدمهم فى الزمن الغابر، والجيش يعرفهم ويحفظهم جيداً لأنه يحرس ويحافظ الآن على ثروة السمك الزريعة التى كان ينهبها هؤلاء البلطجية ويكسبون منها الملايين ويستنزفون ثروة مصر السمكية عينى عينك ولا من حسيب أو رقيب، بعض التجار يعرفونهم لأنهم كانوا يعملون بودى جاردات لديهم، يعنى ببساطة الشمس ظاهرة فى كبد السماء ولكننا نغمض أعيننا ونقول أين هى؟!
بورسعيد تختطف، بورسعيد التى رأسمالها الهدوء والأمن والأمان، سوقها وتجارتها تموتان بالبطىء نتيجة خوف ورعب الناس من زيارة بلد يرتع فى رحابها القراصنة بلا رادع، بورسعيد التى دافعت عن مصر كلها أثناء العدوان الثلاثى وفى حرب الاستنزاف وبعدها فى أكتوبر ٧٣ أصبحت الآن، للأسف، تتسول الأمن وتستجدى الأمان.
أن تجهل وألا تعرف المجرم والبلطجى فهى كارثة، أما أن تعرف وتطنش وتتعامى فالكارثة أعظم.