الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: الكلام في إخوة يوسف عليه السلام هل كانوا أنبياء الإثنين فبراير 01, 2010 11:43 pm
الكلام في إخوة يوسف عليه السلام هل كانوا أنبياء
فإن قال قائل فإذا نزهتم الأنبياء عليهم السلام مثل هذا التنزيه فما قولكم في إخوة يوسف عليهم السلام وقد قال بعض من يؤبه له من المفسرين والمؤرخين القائلين بغير دليل بأنهم كانوا أنبياء فالجواب أن إخوة يوسف عليه السلام عندما واقعوا ما واقعوه مع أخيهم وأبيهم لم يكونوا أنبياء وأمناء الله ورسله والدليل على ذلك أن الكتاب العزيز جاء بأنهم واقعوا كبائر وصغائر والإجماع منعقد على أن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الكبائر واختلفوا في الصغائر وقد أقمنا الدليل على عصمتهم من الصغائر بما فيه مقنع فيما تقدم فأما جملة ما ارتكبوه منها ففي عشرين آية من قوله تعالى مخبرا عن أبيهم أنه قال ليوسف عليه السلام لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إلى قوله تعالى مخبرا عن نفسه وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون فتتبع الآي تجد العدد المذكور فما أحيلك على مبهم ولا على خبر ضعيف الإسناد ومعلوم أن الله عز وجل ما أطلق هذه الأقوال وأمثالها على أنبيائه وأصفيائه في كتاب ولا سنة ولا أمر بإطلاقها عليهم ولا باعتقادها فيهم فأما الكبائر التي فعلوها وهي لا تجوز على الأنبياء عليهم السلام فخمسة 1ظلم الأخ المسلم لا سيما أخ مثل يوسف - 2وعقوق الأب لا سيما أب مثل يعقوب عليه السلام - 3والكذب في قصة الذئب المؤدي إلى فراق أخيهم من أبيهم على حداثة سنه وضعف - منته وتفجع أبيهم على فقده حتى ابيضت عيناه من الحزن 4وبيعه من الكفرة بثمن بخس على قول وهو مؤمن حر وأخوهم وابن نبي - 5ووصمة أخيهم يوسف عليه السلام بعد ثبوت نبوته حين قالوا له إن يسرق فقد سرق - أخ له من قبل فنبزوه بالسرقة حتى ألجؤوه أن يقول لهم أنتم شر مكانا أو هذه رحمك الله أخلاق الأنبياء عليهم السلام أو يسوغ أيضا أن يكذب النبي عشرة أنبياء حتى يقول لهم أبوهم النبي بعدما جاؤوه عشاء يبكون وقالوا إن يوسف أكله الذئب بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون وهذا هو فحوى التكذيب فهذه خمس كبائر أربعة منها فعلوها على القطع والخامسة التي هي بيع الحر مختلف فيها فإن الله تعالى يقول شروه فيحتمل أن تعود الهاء عليهم أو على السيارة وهو الأظهر وأما الصغائر فخمس عشرة على أن كل ذنب عصي الله تعالى به فهو كبيرة لكن يتأكد الوعيد على بعضها بما ورد من الظواهر فيتصور فيها الصغر والكبر كما تقدم فمن قال إنهم كانوا أنبياء عندما واقعوا هذه الكبائر فيلزم أن يجوز وقوعها على من سواهم من الأنبياء عليهم السلام لتساويهم فيما يجب لهم من العصمة كما سبق والجائز كالواقع مع خرق الإجماع الواجب الاتباع في عصمتهم من الكبائر والعياذ بالله من شؤم الجهل وأهله فإن قيل ولعل هذه الأفعال كانت في شريعتهم غير كبائر قلنا إنما وقع الإجماع على أن كبائر شريعتنا لا تجوز عليهم والخمسة التي أخبر تعالى عنهم بها كبائر في شريعتنا وأما شرائعهم فما نعلم كبائرها من صغائرها ولا كلفنا ذلك فصل ثم يطلب هذا الغمر البليد بثبوت نبوتهم من أين علمها إن النبوة لا تثبت بالعقول ولا بخبر الواحد الذي لا يحصل به العلم ولا يثبت أيضا بقرينة الحال ولا تحميل الأعمال كما زعمت المعتزلة وغلاة الباطنية القائلين باكتساب النبوة فإن غير النبي من الأولياء قد يصح منه ذلك وقد يصدر من أهل الرياء من الأعمال والقرائن مثل ذلك فإن قيل فإذا لم تصح النبوة من هذه الوجوه فمن أين تصح قلنا تصح من وجهين أحدهما أن يأتي النبي في زمان تصح فيه النبوة فيدعي النبوة ويتحدى الناس بالمعجزة فيفعلها الله له على وفق دعواه أو ينص على نبوته نبي آخر نصا متواترا لا يحتمل التأويل كما نص الله تعالى في محكم كتابه على الستة والعشرين الذين أولهم آدم وآخرهم محمد عليهم الصلاة والسلام فهؤلاء هم الأنبياء الذين من أنكر نبوة واحد منهم أو قدح فيها قدحا يخل بشرط من شروط نبوتهم فهو كافر حلال الدم والمال مخلد في نار جهنم بالإجماع المتواتر فهؤلاء هم الأنبياء حقا ومن أثبت نبوة غيرهم على التعيين فعليه الدليل مع أنا نعلم أن ثم أنبياء لله أخر جاء بهم القرآن في قوله تعالى منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك لكن لم يقع التنصيص في الكتاب إلا على نبوة عدد من ذكرناه فأما من ذكر منهم في أخبار الآحاد فمظنون فصل فإن قيل ولعل نبوتهم تثبت من الكتاب في قوله تعالى حين عدد الأنبياء عليهم السلام قال وإسحق ويعقوب والأسباط والأسباط إخوة يوسف واحدهم سبط قلنا ليس كما قلت فإن الأسباط في بني يعقوب كالقبائل في بني إسماعيل واحدهم سبط وهم اثنا عشر سبطا لاثني عشر ولدا ليعقوب عليهم السلام وإنما سموا هؤلاء أسباطا وهؤلاء قبائل ليفصل بين ولد إسماعيل وولد يعقوب تسمية هكذا نص عليه أهل اللغة فإن قال قائل فما معنى دخولهم في العدد مع الأنبياء وليسوا بأنبياء والجواب أن القرآن مقصود بالإيجاز الذي هو مخ البلاغة وكانت النبوة تترى في بني إسرائيل وكان أثلهم من أولاد يعقوب وهو إسرائيل فلما عدد الله تعالى من كان قبل من الأنبياء على التفصيل أوجز فقال والأسباط يعني أنبياء الأسباط على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ثم خصص بعد ذلك عظماءهم بالذكر فقال وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داود زبورا فبدأ بالتفصيل وختم بالتفصيل فتضمن الطرفان الواسطة وصح التشريف لمن خصص بالذكر في الآحاد وهذا التخصيص ينظر لقوله تعالى من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال وهما من الملائكة وقال تعالى فيهما فاكهة ونخل ورمان وهما من الفاكهة وكذلك ذكر معظم الأصناف التي كانت النبوة تترى فيهم ثم خصص عظماءهم بالذكر تشريفا لهم صلوات الله عليهم أجمعين ومصداق هذا التفسير أن ذكر الأسباط انما وضع تسمية عوضا من القبائل كما تقدم فلو كانوا كلهم أنبياء كما زعم الجهلة لكان كل من انتسل من بني يعقوب عليه السلام نبيا وقد قال تعالى وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وقال تعالى ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين وقال وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما فسماهم أسباطا وأمما ولم يسمهم أولادا ولا أبناء فإن قيل فقد جاء عن النبي أنه قال الحسين سبط من الأسباط فمعناه أنه يقوم في العبادة والقيام بحق الله تعالى مقام سبط كما قال تعالى إن إبراهيم كان أمة قانتا لله وقال في قس إني لأرجو أن يحشر أمة وحده هكذا حكاه الهروي في كتاب الغربيين فإن قيل ولعلهم سموا أسباطا وهم أولاد تجوزا واتساعا كما سمى النبي الحسين سبطا حيث قال الحسين سبط من الأسباط وهو ولد قلنا هذا التجوز إنما صح في الحسين رضي الله عنه لسبق المعرفة ببنوته من وجه آخر فلو أخبر تعالى أن يهوذا سبط من الأسباط ثم عدده في جملة الأنبياء بلفظ السبط لصحت نبوته وهذا لم يقع فلا حجة للخصم في هذه القولة ولو صح لما صحت نبوته إلا بعد التوبة والإنابة واشتراط العصمة في حال الوهلات كما زعم الخصم وأما غير هؤلاء من أهل النظر فتوهموا نبوتهم من قوله تعالى مخبرا عن يعقوب عليه السلام حيث قال ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحق وهو لم يمت إلى قريب في اللسان لأن الآل أقرب في اللسان للبنوة من الأسباط لكن الآل تحتمل البنين وتحتمل التبع قال تعالى أدخلوا آل فرعون أشد العذاب أي تبعه وفي السنة اللهم صل على محمد وعلى آله وأزواجه وذريته فذكر الآل ثم ذكر الذرية فلو كان الآل من الذرية لم يصح العطف فإن قيل ولعل ذكر الذرية بعد ذكر الآل تخصيص التشريف كما قال تعالى وملائكته ورسله وجبريل قلنا إذا بقيت لعل فقد تطرق الاحتمال واطرد الإشكال والنبوة لا تثبت بالاحتمال ويحتمل أن يكون التمام على الآل بما دون النبوة من الولاية والصدقية وإذا دخلت هذه الاحتمالات لم يصح القطع على نبوتهم في هذه الآية ومع تسليم هذه التقديرات جدلا فلا تصح نبوتهم عند مواقعة الأفعال التي ذكر تعالى عنهم أصلا فإنه كان يؤدي إلى أن يجوز على أنبياء الله عز وجل كل ما فعلوه لصحة التساوي الذي قدمناه فهذا رحمكم الله هو الحق الذي يرغب فيه ولا يرغب عنه وبعد هذا التتبع فلا يبقى لقائل مستروح إلى ثبوت بنوتهم إلا من هذه الوجوه المتقدمة وهي مظنونة ولا سبيل إلى القطع في واحد منها فالله الله أيها المسترشد المحتاط على دينه إن لم تكن من أهل النظر القويم على الصراط المستقيم فما كل سوداء تمرة ولا كل بيضاء شحمة واجتهد فيمن تأخذ عنه دينك وجنب الجهال مرة وجنب وعاظنا ومريدينا في هذا الزمان المنكوب المنكوس ألف ألف مرة فإنهم أضر على دينك من الأفاعي الصفر لا سيما في هذا العويلم المتهافت الدعي في الإرادة بالنوافج ومغالطة البله الأغمار من النساء وفحول النساء فإنهم انتهكوا حرمة الأنبياء عليهم السلام حتى تشبهوا بهم وربما أربوا عليهم بادعاء الإلهية بالفيض والإشراق الذي ادعته القرامطة حتى يلقى أحدهم امرأة أو غلاما فيقول له رأيت الله فيك إلى غير ذلك من أمور هي أشنع وأبشع من أن تذكر أو تسخم بها الأوراق والذي ورط هؤلاء الأرجاس في هذه الرذائل عدم الزاجر وقلة الغيرة في الدين فانظر عمن تأخذ دينك وكيف تأخذه وقد نصحتك والسلام وقد نجز التنبيه على التنزيه بمعونة الله تعالى ونسأل الله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة أن يعفو عنا فيما وقع فيه من الخطأ والخطل بمنه ولطفه والختم بالصلاة والتسليم على الأنبياء عموما وعلى نبينا خصوصا وعلى آله وآلهم وسلم تسليم