على الرغم من الصعود اللافت للتيار الإسلامى، خاصة الإخوان المسلمين، للسلطة فى العديد من الدول العربية، سواء عن طريق العمل الثورى مثل ليبيا، أو الانتخابات مثل تونس ومصر والمغرب، إلا أن الجزائر شذت عن تلك القاعدة.
فقد منع البرلمان الجزائرى «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» من العمل السياسى، وسط تقارير عن «طلاق» للإخوان المسلمين والسلطة فى الجزائر، بعد تهديدهم بالخروج من تحالف الأغلبية الحاكمة بسبب ما اعتبروه التفافاً حول قوانين الإصلاح السياسى، فيما اعتبرت قيادات ليبرالية أن النظام الحاكم فى الجزائر يحاول شراء الوقت لمواجهة المد الثورى فى الربيع العربى.
وبينما يعيش العالم العربى تطورات غير مسبوقة، تساقطت بموجبها أنظمة ديكتاتورية، وتهاوت أخرى، فوجئ الجزائريون بتصريحات للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطنى عبدالعزيز بلخادم، يقول فيه إن الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة سيرشح نفسه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما سيثير موجة من الانتقادات والجدل السياسى فى البلاد.
والتهبت الساحة السياسية بعد تصويت البرلمان على قانون الأحزاب الجديد الأسبوع الماضى ومنع على إثره «جبهة الإنقاذ»، وهى حركة سلفية جزائرية من تشكيل حزب وحرم قياداتها من الترشح للانتخابات. وعلى الفور أعلنت «الإنقاذ» المحظورة، عزمها مقاضاة السلطات الجزائرية لدى المنظمات الدولية المختصة.
واعتقلت قوات الأمن الرجل الثانى فى «الإنقاذ»، على بن حاج، بسبب محاولته الاعتصام أمام البرلمان، لمناهضة قانون الأحزاب الجديد.
وقال عباس مدنى، رئيس الجبهة، المقيم فى العاصمة القطرية الدوحة، إن «منع قيادات جبهة الإنقاذ من ممارسة النشاطات السياسية عن طريق ما تضمنته قوانين الإصلاحات الحالية هى استفزاز لمشاعر الشعب».
وأضاف: «الجبهة تعتبر المصادقة على هذا القانون تكريسا لسياسة الإقصاء واستدامة للأزمة المتفاقمة وفضحاً صارخاً لأكاذيب المصالحة والإصلاحات التى طالما تغنى بها النظام». وكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وعد فى ١٥ أبريل الماضى بإجراء إصلاحات سياسية شاملة، منها تعديل قانون الأحزاب والانتخابات والإعلام، على أن تتم المصادقة عليها خلال الدورة الحالية للبرلمان، وهى آخر دورة له قبل الانتخابات التشريعية فى ٢٠١٢.
جاء ذلك فيما يتوقع المراقبون انفصال الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم «حمس»، التى تُعتبر فرع «الإخوان المسلمين» فى الجزائر عن الائتلاف الحاكم الذى تشارك فيه بعد اتهامها النظام الحاكم بالالتفاف حول قوانين الإصلاحات السياسية، وأعلنت أنها ستصوّت بالرفض على المشاريع المطروحة حالياً أمام البرلمان.
وقال عبدالرزاق مقرى، نائب رئيس «حمس»، فى تصريحات لصحيفة الخبر الجزائرية، أمس، إن التاريخ سيحاسبنا على المشاركة فى حكومة أشرفت على التحايل على الإصلاحات، واعتبر أن النظام «سيظهر متحالفا مع نفسه»، لو خرجت «حمس» من التحالف.
ووصلت الانتقادات للمعسكر الليبرالى، حيث قال النائب على براهيمى، المنشق عن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية «حزب ليبرالى علمانى»، «إن الانفتاح السياسى الحقيقى هو السماح للمعارضة بالتعبير عن آرائها، أما قانون الأحزاب الجديد فيعطى للسلطة الحق فى اختيار منافسيها فى الانتخابات». وتساءل النائب عن سبب تأخر وصول قوانين الإصلاحات إلى البرلمان قائلاً إن «النظام يريد ربح الوقت ويخشى الثورات العربية».