الذكرى الأولى لـ«ثورة الياسمين»: إنجازات سياسية وتحديات اقتصادية
كاتب الموضوع
رسالة
زهرة
~¤ô¦§¦ ادارة المنتدى ¦§¦ô¤~
الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: الذكرى الأولى لـ«ثورة الياسمين»: إنجازات سياسية وتحديات اقتصادية الأحد ديسمبر 18, 2011 12:15 pm
الذكرى الأولى لـ«ثورة الياسمين»: إنجازات سياسية وتحديات اقتصادية
كتب عنتر فرحات ١٨/ ١٢/ ٢٠١١
حلّت أمس الذكرى السنوية الأولى لـ«ثورة الياسمين» التونسية، التى فجّرها بائع الخضار محمد بوعزيزى عندما أشعل النار فى نفسه احتجاجاً على سوء المعاملة التى لاقها من ضابطة شرطة ليفجر أولى ثورات الربيع العربى، التى أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن على، وتنتقل شرارتها إلى العديد من الدول العربية لتنهى عقودا من حكم الاستبداد والقهر، وبعد عام على الثورة تمكنت تونس من قطع صلاتها مع ماضٍ كان يقوده نظام استبدادى، وأرست أسس نظامها الديمقراطى، فى نجاح كبير، لكن الآمال ما زالت كبيرة، ولا سيما على المستويين الاجتماعى والاقتصادى.
تأتى الذكرى الأولى للثورة فى وقت تمكن فيه التونسيون من التوحد حول ثورتهم، وأنجزوا واحدة من أكثر الانتخابات نزاهة، لتعلن عن ولادة المجلس التأسيسى الذى وضع دستورا مؤقتا يقلص صلاحيات الرئيس المقبل لصالح رئيس الوزراء، بينما يبحث وضع دستور دائم للبلاد، فقد شكل حكومة مؤقتة وتم انتخاب رئيس مؤقت، لترسم تونس طريقها لبناء الجمهورية الثانية، ولتؤكد مجددا أنها قائدة العرب، على الرغم من حالة الاستقطاب السياسى والدينى وصعود الإسلاميين لتولى السلطة وتفاقم الأزمات الاقتصادية وتراجع معدلات النمو.
وذكرت صحيفة «الصحافة» التونسية أن أهالى سيدى بوزيد أقاموا احتفالات بالذكرى الأولى للثورة، وأطلقت فيها الشماريخ لتضىء سماء أرض الثورة، وانتشرت صور «بوعزيزى» فى شوارع المدينة وصنع تمثال لعربته التى كان يقتات منها، بينما انتشرت فعاليات أخرى لإحياء ذكرى الثورة فى مدن أخرى.
وبعد اجتياز أول اختبار ديمقراطى أفادت مصادر تونسية فى التحالف الحاكم بأن التركيبة الحكومية أصبحت جاهزة، وتم الاتفاق على إقرار تركيبتها النهائية، التى يتوقع أن يتم الإعلان عنها، قبل عرضها الاثنين المقبل على المجلس الوطنى التأسيسى لنيل الثقة، ويرأس الحكومة حمادى الجبالى، الأمين العام لحزب النهضة الإسلامى، ويتوقع أن تضم ٥٠ وزيراً وبها عدة شخصيات مستقلة مثل أبويعرب المرزوقى والمهدى مبروك ووزير الداخلية الحالى الحبيب الصيد كمستشار أمنى، وحافظ عبدالكريم الزبيدى المرشح لحقيبة الدفاع، بينما حصلت حركة النهضة على النصيب الكبير من الحقائب الوزارية، ومنها الوزارات السيادية مثل العدل والداخلية والخارجية والناطق الرسمى باسم الحكومة.
وعلى الرغم من الاستقرار الأمنى تواجه الحكومة الانتقالية فى تونس تحديات كبيرة فى أعقاب ثورة الياسمين، حيث سيكون لزاما عليها أن تجد حلولا جذرية وسريعة لمشكلات عدة قد تفشت فى الحياة التونسية، وتعمل الحكومة على قدم وساق لوضع خطط مستقبلية للقضاء على أزمة البطالة التى تبلغ ١٤% أى نحو ٧٠٠ ألف عاطل، بينما يعيش نحو ربع المجتمع التونسى تحت خط الفقر بينما بلغت نسبة التضخم ٥.٦ %، فى وقت تعانى فيه الموازنة العامة عجزا يبلغ نحو ٦% من الناتج المحلى الإجمالى، بينما من شأن حالة الاستقرار الأمنى النسبى الذى تعيشه البلاد أن تساهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية وإنعاش قطاع السياحة الذى يمثل مصدر الدخل القومى الأول للبلاد.
بدورها، رأت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أنه من الطبيعى أن تتلقف شعوب الدول العربية النار التى أشعلها بوعزيزى، خاصة أنها كانت تعيش حالة من الديكتاتورية السياسية والجمود الاقتصادى وتحلم بانتخابات وسوق حرة والتكامل مع الاقتصاد العالمى، وترسم الصحيفة صورة قاتمة للوضع فى تونس ومصر وتقول إن الإسلاميين الذين سيحكمون البلدين اختطفوا الثورة، بينما الليبراليون الذين أشعلوها على فيس بوك وأنزلوا الطبقة الوسطى إلى الشارع مهددون بالإقصاء من المشهد السياسى.
ورغم الضمانات التى قدمها الإسلاميون فى تونس حول احترام حقوق الأديان والأقليات وعدم فرض الحجاب واحترام مبادئ الدولة المدنية، أثارت مصطلحات من قبيل «الخلافة السادسة»، واعتصام السلفيين داخل حرم إحدى الجامعات احتجاجاً على منع المنتقبات من دخول الجامعة مخاوف الليبراليين الذين اتهموا الإسلاميين بـ«الانقلاب على الديمقراطية الوليدة».
ويرى المحللون أن «المطلوب من الجميع، حكومة ومعارضة، الانتباه إلى أن هناك فاعلا سياسيا جديدا لا يمكن إغفاله ولا إخضاعه، ولا يكفى اتهامه بخدمة أجندة معينة، كما نسمع بين الفينة والأخرى، أنه الشارع، صانع الثورة، الذى لم يتم التفكير الجدى فى «احتضانه»، ويؤكدون أن مركز الثقل السياسى والتاريخى انتقل لأول مرة إلى القاعدة الشعبية، وهى أمور تمنع أى مجموعة حاكمة من إمكانية التسلط والانفراد بالحكم.
ويرى الباحث التونسى العربى بن ثاير أنه من المبكر الحكم على مصير الثورات العربية قبل استقرار أوضاعها، لأن «الوقائع تؤكد أن الثورات تشهد محاولات إجهاض مسارها الثورى وكتم أنفاس توجهها الديمقراطى»، وبينما يرى بعض المراقبين أن وصول الإسلاميين للسلطة فى دول الربيع العربى نتيجة حتمية لعقود من الحكومات المستبدة، فإن البعض الآخر يرى أن الشعوب العربية تستبدل ديكتاتوريا يدعى العلمانية بآخر يرتدى قناعا دينيا.
ويبدو البعض متفائلا باستمرار الربيع العربى لعدة سنوات لينهى جميع الأنظمة المتسلطة فى المنطقة، ويؤسس لديمقراطية جديدة قوامها «حكم الشعب للشعب» وفق نظام جديد لم تعهده الشعوب العربية، لكن ما يجعل الثورة التونسية منفردة بإنجازاتها أنها سارت على الطريق السليم الذى اختاره التونسيون وخطت نحو إرساء معالم الجمهورية الثانية، وأن الحكومة المؤقتة التى قادها قائد السبسى التزمت الحياد التام وركزت على الأمن وتحريك الاقتصاد، فيما تأخذ العدالة مجراها فى محاكمة بن على وكبار مساعديه عسكريا فى قضايا قتل المتظاهرين وتبديد الثروة مما وحد الغالبية حول الحكومة، كما أتاحت هيئة تحقيق أهداف الثورة الفرصة لإنجاز التوافق الوطنى نحو التحول الديمقراطى.