الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: المجرد والمزيد من الأفعال الثلاثاء فبراير 02, 2010 8:33 am
المجرد والمزيد من الأفعال
يطلق مصطلح " مجرد " على الكلمات التي تتألف من الحد الأدنى من الأحرف المعبرة عن الدلالة العامة للكلمة ، فكلمة " جلس " مثلا تتكون من ثلاثة أحرف هي : الجيم ، واللام ، والسين ، ولا يمكن إدراك دلالة الكلمة بأقل من هذه الأحرف . أما كلمة " جلوس " ، فمن المؤكد أن لها ارتباط بالكلمة السابقة ، وهذا الارتباط هو تضمنها معنى الفعل السابق ، مع معنى إضافي نتج عن زيادة حرف الواو ، وهذا النوع من الكلمات يطلق عليه مصطلح " المزيد " ، لأنه زيد فيه حرف ، أو أكثر على الأحرف الأصول للكلمة .
والفرق بين الأحرف الأصلية للكلمة ، والأحرف الزائدة أن الأولى خاصة بالكلمة نفسها ، وتحمل معناها المعجمي الأساسي المتفرد ، أما الثانية فهي تتكرر في نظائر كثيرة لهذه الكلمة تشترك معها في البناء ، فحرف الواو الزائد في كلمة " جلوس " نجده كلمات أخرى مثل وجد ، سمو ، وردة ، عصفور … إلخ وهذا يعني أن هناك مستويين لمعنى الكلمة المزيدة ، أحدهما المعنى المعجمي الخاص وهو ما تحمله الأحرف المجردة ، والآخر معنى البناء الذي تشارك في حمله أحرف الزيادة ، والمعنى الذي جلبته أحرف الزيادة إنما هو معنى البناء ، ذلك المعنى الذي قد تكرر مع كل كلمة على هذا البناء . (1) .
أحرف الزيادة :
يزاد على الأصل بطريقتين :
1 ـ تضعيف الحرف الأصلي ، وهو زيادة حرف من جنس عين الكلمة ، أو لامها . مثل : كَرُمَ : كرَّم ، حَطَمَ : حطَّم ، عَلِمَ : علَّم ، جلب : جلبَبَ ، طمأن : اطمأنَّ .
ـــــــــــــــ
1 ـ دروس في علم الصرف ج1 ص 86 .
وهذا النوع من الزيادة ليس خاصا بحرف دون الآخر ، بل كل أحرف الهجاء يمكن تضعيفها ماعدا " الألف " فلا تضعف ، لأنها حرف مد ، وتظهر هذه الأحرف في الميزان مضعفة بشكلها الموجود في الكلمة الموزونة ، لا بنصها .
مثل : علَّم : فَعَّلَ ، جلبب : فعلل .
2 ـ إقحام حرف من أحرف الزيادة المعرفة في كلمة ( سألتمونيها ) .
ويمكن التفريق بين الحرف الناتج عن التضعيف الأصلي ، ومماثلة من أحرف سألتمونيها في زيادة الكلمة ، أن زيادة أي حرف من أحرف سألتمونيها يكون مطردا في زيادته ، وفي مواضع مختلفة من الكلمة ، في حين زيادة الحرف المضعف لا يكون إلا تكرارا لعين الكلمة ، ولا يظهر في هذا الموضع مع أفعال أخرى . ففي كلمة : حوَّل ، وقتَّل ، وعيَّن ، وجلَّس .
نجد أن أحرف الزيادة وهو الواو في حوّل ، والتاء في قتّل ، والياء في عيّن ، واللام في جلّس ليست من أحرف سألتمونيها وإن كانت مشابهة لها ، لأن هذه الأحرف ما هي إلا تكرار لعين الكلمة ، ولا يمكن زيادتها في نفس الموضع مع أفعال أخرى ، إذ لا يصح زيادة الواو في الفعل كسر ونقول : كوسر ، ولا الياء في علم ، ونقول عيلم ، وإنما نزيد على كسر سينا ونقول : كسّر ، ونزيد على علم لاما ، ونقول : علَّم ، لأن أحرف الزيادة التي تجمعها كلمة سالتمونيها تتغير بتغير الأصل الذي زيدت عنه ، أما زيادة الحرف المضعف الأصلي ما هي إلا تضعيف لعين الكلمة كما ذكرنا سابقا .
أنواع الزيادة :
1 ـ الزيادة البنائية :
وهي الزيادة التي تغير من بناء الكلمة الأصلي ، فينتج عن ذلك كلمة جديدة ، نتيجة لزياد حرف أو أكثر على الكلمة الأصل .
نحو : كتب : كاتب ، وعطف : معطوف ، اسم : أسماء .
2 ـ زيادة إلصاقية :
وهي الزيادة الناتجة عن أحرف تلصق إلى الكلمة الأصل دون تغيير في بنائها ، ولا تنقلها من المجرد إلى المزيد .
يلاحظ من الأمثلة السابقة أن الزيادة الإلصاقية تدخل على كل الكلمات المجردة منها والمزيدة ، لذلك لا تعد أبنية هذه الكلمات من أبنية المزيد ، وإن كانت تلك الأحرف قد زيدت على الكلمات الأصول ، وتظهر في الميزان كما تظهر في أحرف الزيادة .
نحو : قرأ : فعل ، اقرأ : افعل ، قلم : فعل ، قلمان : فعلان ، مجتهد : مفتعل ، مجتهدون : مفتعلون .
أبنية الأفعال :
ينقسم الفعل من حيث عدد أحرفه الأصول ، أو الزوائد إلى نوعين .
الفعل المجرد ، والفعل المزيد .
الفعل المجرد
هو كل فعل جردت حروفه الأصلية من أحرف الزيادة ، بمعنى أن تكون جميع الأحرف المكونة للفعل ـ ويعطي بوساطتها دلالة صحيحة ـ أحرفا أصلية ، ولا يسقط منها حرف في أحد التصاريف التي تلحق بالفعل ، إلا لعلة تصريفية ، وأقل أحرف الفعل المجرد ثلاثة ، حرف يُبدأ به ، وحرف يُقف عليه ، وحرف يتوسط بينهما .
نحو : كتب ، جلس ، ذهب ، قام ، رمى ، دعا .
فكل فعل من الأفعال السابقة يعتبر فعلا مجردا من أحرف الزيادة ، لأن جميع أحرفه المكونة له ، وتؤلف منه كلمة لها دلالتها التي يقبلها المنطق أحرفا أصلية لا يمكن الاستغناء عن أحدها ، وبإسقاط أي منها يختل تركيب الفعل وتزول دلالته .
فالفعل " ذهب " مثلا مكون من ثلاثة أحرف هي : الذال ، والهاء ، والباء ، وهذه الأحرف الثلاثة أحرف أصول في تركيب الفعل المذكور لكي يكون ذا دلالة لغوية ، فإذا حذفنا حرفا منها اختل بناؤه ، وما تبقى فيه من أحرف لا يفي ببنائه ليكون ذا قيمة دلالية ، فهذه الأحرف الثلاثة تشكل في مجموعها القواعد الأساس التي بني عليها الفعل مجتمعة ، وكذلك الحال إذا كان الفعل مكونا من أربعة أحرف أصلية .
نحو : دحرج ، بعثر ، وسوس ، زلزل ، طمأن ، عسعس .
فلو جردنا أحرف الفعل دحرج مثلا لوجدناه مكونا من أربعة أحرف هي : الدال ، والحاء ، والراء ، والجيم ، وهذه الأحرف مجتمعة شكلت بنيته لتدل على معنى معين له ارتباط زمني يتقبله العقل ، فإذا حذفنا حرفا من تلك الأحرف الأساس في تكوين الفعل السابق ونظائره اختل بناؤه اللغوي والدلالي ، ولم يعد للأحرف الباقية قيمة في بناء الفعل ، أو دلالته .
أقسام الفعل المجرد :
ينقسم الفعل المجرد إلى قسمين :
1 ـ المجرد الثلاثي . 2 ـ المجرد الرباعي .
أوزان المجرد الثلاثي :
للفعل المجرد الثلاثي باعتبار صورة الماضي ثلاثة أوزان ، ويرجع هذا التحديد إلى أن الفعل الماضي المكون من ثلاثة أحرف أصلية وهي : الفاء ، والعين ، واللام .
لا تكون فاؤه ولامه إلا متحركتان بالفتح دائما ، أما عينه فتتحرك بالفتح ، أو الضم ، أو الكسر ، وبناء عليه يتشكل منه ثلاثة أبنية ( أوزان ) على النحو الآتي :
مثال المتعدي : وعد الله المؤمنين النصر ، ويعد الله المؤمنين النصر .
ومثال اللازم : قفز اللاعب قفزا عاليا ، ويقفز اللاعب قفزا عاليا .
2 ـ الثلاثي المضموم العين ( فَعُلَ : يَفْعُلُ ) لمضارعه وزن واحد ، وهو ضم عين مضارعه ، ويختص هذا الوزن بالأفعال الدالة على طبائع البشر ، وهو ما جبل عليه الإنسان من الأفعال الصادرة عن الطبيعة ، ولا يكون إلا لازما .
مثال المتعدي : حسبت الأمر هينا ، ويحسب الأمر هينا .
وثق الرجل بصديقه ، ويثق الرجل بصديقه .
تنبيهات وفوائد :
1 ـ لا تكون فاء الفعل إلا مفتوحة كما ذكرنا سابقا ، وبفتحها يحصل للمتكلم العذوبة في اللفظ ، ويصغي السامع إليه لأنس المسامع بالأخف ، بخلاف الاسم فإنه لما كان خفيفا يجوزون الابتداء فيه بالثقيل .
2 ـ لا يصح تسكين عين الفعل كما هو الحال في عين الاسم ، لأن الفعل عند اتصاله بضمائر الرفع المتحركة يجب إسكان لامه لئلا يتوالى أربع حركات ، ولكونه إذا اتصل بالضمير يصبح كالكلمة الواحدة ، فلو كانت عين الفعل ساكنة للزم اجتماع ساكنين .
فنقول في " جلس " بعد اتصاله يضمير رفع متحرك " جلسْتُ " .
وفي " كتب " كتبْنا " .
فنلاحظ تسكين " لام " الفعل ، فلو كانت " عينه " ساكنة أيضا لالتقى ساكنان ، وذلك لا يصح لاستثقال النطق ، وعدم استقامة لفظ الكلمة .
3 ـ ذكرنا أن الفعل الثلاثي المجرد يكون له في صورتي الماضي والمضارع معا ستة أوزان هي :
نحو : قتل : قاتل ، ضرب : ضارب : شرك : شارك ، منع : مانع ، باع : بايع . نزل : نازل ، وصل : واصل ، وعد : واعد ن سمح : سامح .
الغرض من الزيادة :
لم تكن الزيادة الحرف ، أو الأحرف في الكلمة ، لمجرد زيادة عدد أحرفها ، أو ليقال إن هذه الكلمة أحرفها أصلية ، وأخرى زائدة ، وهذا يعني أن الزيادة ليست من قبيل العبث اللفظي ، إنما الزيادة في أحرف الكلمة تعطيها دلالات ومعاني جديدة غير التي كانت للكلمة عند وضعها على أحرفها الأصلية ، ويمكننا أدراك هذه الدلالات الجديدة للفعل بعد زيادة الأحرف التي ذكرنا آنفا ، وهي على النحو التالي :
أولا ـ المعاني والدلالات التي تزاد من أجلها الهمزة في أول الفعل الثلاثي ، صيغة " أفعل " .
1 ـ التعدية : زيادة الهمزة في أول الفعل الثلاثي اللازم تجعله متعديا بعد أن كان لازما ، وتلك ميزة جديدة اكتسبها الفعل ، فبعد أن كان الفعل موضوعا في اللغة بغرض اللزوم ، أي : ألاّ يتعدى فاعله ليأخذ مفعولا به ، صار بعد زيادة الهمزة متعديا للمفعول به .
نحو : ذهب الرجل . ذهب فعل لازم ، أخذ فاعلا فقط وهو الرجل .
بزيادة الهمزة يصير متعديا للمفعول به ، نحو قولهم : أذهب الله بصره . بصره مفعول به .
ومنه قوله تعالى : { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن }1 . الحزن مفعول به .
ونحو : خرج الطلاب من المدرسة . الطلاب : فاعل . بزيادة الهمزة نقول :
أخرج المعلم الطلاب من المدرسة . الطلاب : مفعول به .
ومنه قوله تعالى : { والذي أخرج المرعى }1 . المرعى مفعول به .
فإذا كان الفعل متعديا في الأصل لمفعول به واحد ، صار بعد زيادة الهمزة متعديا لمفعولين ، وإن كان متعديا لمفعولين تعدى بزيادة الهمزة إلى ثلاثة مفاعيل .
نحو : لبس ، وحفظ ، وشرب .
كل فعل من الأفعال السابقة متعد لمفعول به واحد .
نحو : لبس الرجل العباءة . وحفظ الولد الدرس .
ـــــــــــــ
1 ـ 34 فاطر . 2 ـ 14 الأعلى .
وشرب الطفل اللبن .
فإذا ما زدنا الهمزة في أوله تعدى لمفعولين .
نحو : ألبستْ الأم الطفل الثوب .
الطفل : مفعول به أول ، والثوب : مفعول به ثان .
ونحو : أحفظ المعلم التلميذ النشيد .
التلميذ : مفعول به أول ن والنشيد : مفعول به ثان .
ونحو : أشربته اللبن .
فضمير الغيبة : في محل نصب مفعول به أول ، واللبن : مفعول به ثان .
أما الأفعال : علم ، ورأى ، وبلغ ، فهي في الأصل متعدية لمفعولين .
نحو : علمت خالدا مسافرا .
ورأيت الأمانة فضيلة .
وبلغت محمدا قادما .
فإذا ما زيدت الهمزة في أول الفعل تعدى بها إلى ثلاثة مفاعيل .
نحو : أعلمت والدي خالدا مسافرا .
والدي : مفعول به أول ، ومحمدا : مفعول به ثان ، ومسافرا : مفعول به ثالث .
نحو : أرأيت عليا الأمانة فضيلة .
عليا : مفعول أول ، والأمانة : مفعول ثان ، وفضيلة مفعول ثالث .
ونحو : أبلغت المعلم محمدا قادما .
المعلم : مفعولا أول ، ومحمدا : مفعول ثان ، وقادما مفعول ثالث .
2 ـ التعريض . بزيادة الهمزة في أول الفعل تجعل المفعول به معرضا لمعنى الفعل . نحو : أَبَعْتُ العقار . أي : عرّضته للبيع ، سواء بيع أم لم يبع .
وأرهن الرجل المتاع . أي عرضه للرهن .
وأعرت الكتاب . أي : جعلته عرضة للإعارة .
3 ـ الصيرورة . وهو أن يصير الفاعل صاحب شيء اشتق من الفعل .
نحو : ألحمتْ الشاة . صارت ذا لحم .
وأطفلتْ الأم . صارت ذا طفل .
وأينع الثمر . صار ذا نضج .
وأزهرت الحديقة . صارت ذا زهر .
وأجربت الناقة . صارت ذا جرب .
وأشرقت الشمس . صارت ذا شروق .
وأغبرت السماء : صارت ذا غبار .
4 ـ الحينونة :
وهو أن يحين زمن الشيء ، وقد عدوه من باب الصيرورة .
نحو : أحصد الزرع . أي : حان وقت حصاده . أي : صار ذا حصاد .
وأقطع النخل . حان وقت قطع ثمره . أي : صار ذا ثمر ناضج حان قطعه .
وأحلبت الشاة . حان وقت حلبها .
وأشرقت الشمس . حان وقت شروقها .
5 ـ الدخول في الزمان ، أو المكان ، وهو داخل في حيز الصيرورة أيضا .
كما هو حال الحينونة ، لأنه لا يكون بمعنى " ذا كذا " ، وإليك تبيانه :
نقول : أصبح الرجل . أي : دخل في الصباح .
وأمسى المسافر . أي : دخل في المساء .
وأشهر الصائم . دخل في الشهر .
وأبحر الملاح . دخل في البحر .
وأعرق الرحالة . دخل في العراق .
في جميع الأمثلة السابقة سواء ما دل منها على الزمان ، أم المكان كان متضمنا معنى الصيرورة ، بمعنى الدخول في الزمان ، أو المكان الذي هو أصله ، والوصول إليه .
فعندما قلنا : أصبح الرجل ، أو : أبحر الملاح .
ف‘ن الرجل دخل في زمن الصباح ، وصار ذا صباح جديد غير الذي انقضى .
وكلك في قولنا : أبحر الملاح . أي : انه وصل إلى البحر ودخل فيه .
ومنه أيضا قولنا : أنجد المسافر . وأمصر الجل . أي : وصل نجد ودخلها .
6 ـ الوصول إلى العدد :
أي : الوصول إلى العدد الذي هو أصله ، وبهذا المدلول يكون هذا النوع داخلا في باب الصيرورة أيضا ، بمعنى : صيرته ذا كذا .
نحو : أثلث العدد ، أي : صار ذا ثلاثة ، أو وصل إلى ثلاثة .
وأتسع الجنين ، أي : صار ذا تسعة أشهر ، أو وصل إلى الشهر التاسع .
وأخمس الأولاد ، صاروا خمسة ، بمعنى وصل عددهم خمسة .
وأعشر المجتمعون ، صاروا عشرة ، أو وصل عددهم إلى عشرة .
7 ـ للدلالة على وجودك الشيء على صفة معينة ، بمعنى أن تجد مفعول الفعل على صفة هي كونه فاعلا لأصل الفعل .
نحو : أسمنت الشاة ، أي : وجدتها سمينة .
وأكرمت محمدا ، أي : وجدته كريما ، أو صادفته كريما .
أو كونه مفعول لأصل الفعل .
نحو : أحمدت خالدا ، أي : وجدته محمودا ، أو صادفته محمودا .
وأذممت الخائن ، أي : وجدته مذموما ، أو صادفته مذموما .
وأقهرت الحاقد ، أي : وجدته مقهورا ، أو صادفته مقهورا .
8 ـ للدلالة على السلب والإزالة :
وهو أن تزيل معنى الفعل عن المفعول .
نحو : أشكيت المهموم ، أي : أزلت شكواه .
ومن المثال السابق نلاحظ أن معنى الفعل قبل زيادة الهمزة في أوله غير معناه بعد زيادتها ، فقبل الزيادة نقول : شكا المهموم .
ومعناه : إثبات الشكوى له ، وبعد زيادة الهمزة للفعل تغير إثباتها ، وأزيلت الشكاية .
ومثله : أعجمت الكتاب ، أي : أوضحته وأزلن عجمته .
وأعوجت الحديد ، أي : أزلت عوجه .
9 ـ للدلالة على استحقاق صفة معينة :
نحو : أحصد الزرع ، أي : استحق الحصاد .
وأزوجت الفتاة ، أي : استحقت الزواج .
10 ـ للدلالة على الكثرة :
نحو : أشجر المكان ، أي : كثر شجره .
وأزهر الربيع ، أي : كثر زهره .
وأظبأ الوادي ، أي : كثرت ظباؤه .
11 ـ للدلالة على التمكين :
نحو : أحفرته البئر ، أي : مكنته من حفره .
وأملأته الزير ، أي : مكنته من ملئه .
12 ـ ويأتي أفعل بمعنى الدعاء :
نحو : أسقيت محمدا ، أي دعيت له بالسقيا .
ومنه قول ذي الرمة :
وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره وملاعبه
وقد يجيء " أفعل " لغير هذه المعاني ، وليس له ضابط كضوابط المعاني التي ذكرنا آنفا ومنه : أبصره : بمعنى رآه ، وأوعزت إليه بمعنى تقدمت (1) .
ـــــــــــ
1 ـ شرح شافية ابن الحاجب ج1 ص 92 .
ثانيا ـ المعاني المتولدة عن زيادة الألف بعد فاء الفعل الثلاثي ، صيغة " فاعل " :
لزيادة الألف في الفعل الثلاثي دلالات ومعان جديدة هي :
1 ـ المشاركة بين اثنين أو أكثر .
نحو : صارع أحمد محمدا .
ومعنى ذلك أن الفعل يصدر من اثنين فصاعدا ، ففي المثال السابق نجد أن الصرع صدر من اثنين ، من الفاعل والمفعول ، أي أن أحمد صرع ، ومحمدا صرع أيضا ، فكلاهما صرع الآخر ، فالصرع منسوب إلى أحمد ، ومتعلق بمحمد ، أي وقع عليه ضمنا ، فكل منهما فاعل من وجه ، ومفعول به من وجه آخر .
أما إذا قلنا : صرع أحمد محمدا .
فالصرع صدر من طرف واحد وهو الفاعل ، ومحمد هو المصروع فحسب .
ومثل صارع نقول : قاتل الجيش العدو . أي : تقاتلا . ولاكم عليّ خالدا . أي : تلاكما . وضارب ماجد أخاه . بمعنى : كل منهما ضرب الآخر .
كما تجعل زيادة الألف في الفعل الثلاثي اللازم متعديا للمفعول .
نحو : وصل ، وجلس . فعلان لازمان ، فإذا زدنا في كل منهما الألف صارا متعدين ، وأخذ كل منهما مفعولا به .
نحو : واصل الرجل سفره .
وجالس محمد صديقه .
وكذلك إذا جاء الفعل المتعدي إلى مفعول به واحد غير صالح للمشاركة بالمفاعلة إلى مفعولين . نحو : جذب اللاعب الحبل .
فالحبل هو المفعول به ، لكنه لا يصلح للمشاركة بالمفاعلة ، فإذ تغير بناء الفعل من
" فَعَلَ " إلى " فَاعَلَ " بزيادة الألف بعد الفاء ، صار الفعل متعديا إلى مفعولين ، بمعنى أن اللاعب مفعول آخر صالح للمشاركة .
نحو : جاذب اللاعب خصمه الحبل .
2 ـ للدلالة على أن الشيء صار ذا صفة يدل عليها الفعل .
نحو : عاقب المعلم المهمل . جعله ذا عقوبة .
وعافى الله المريض . جعله ذا عافية .
وكافأت المجتهد . جعلته ذا مكافأة .
وصاعر الرجل خده . جعله ذا صعر .
3 ـ للدلالة على المتابعة . بمعنى استمرارية الفعل وعدم انقطاعه .
نحو : تابعت العمل باهتمام . أي : واصلت متابعته .
ووالى الرجل الصوم . أي : استمر في الصيام .
وقاوم المريض المرض . أي : استمر في مقاومته .
4 ـ للدلالة على معنى " فعَّل " لإفادة التكثير .
نحو : ضاعف الجهد . بمعنى ضعّفه .
وعاين المكان . بمعنى عيّنه .
5 ـ للدلالة على معنى " فَعَلَ " لإفادة المبالغة ، ومكابدة المشقة .
نحو : سافر الرجل . بمعنى : سفر الرجل ، أي : خرج للسفر .
وهاجر الناس . بمعنى : هجر الناس . أي : خرجوا للهجرة .
ومنه قوله تعالى : { قاتلهم الله أنا يؤفكون }1 . بمعنى قاتلهم الله وأهلكهم .
6 ـ ويأتي " فاعل " بمعنى " أفعل " .
نحو : عافاك الله . أي : أعفاك الله .
وراعِنا سمعَك . أي : أرعِنا سمعَك .
ثالثا ـ المعاني التي تكون للفعل الثلاثي المجرد بعد تضعيف العين :
لصيغة " فعَّل " معان كثيرة هي :
ـــــــــــــ
1 ـ 131 التوبة .
1 ـ يأتي " فعَّل " للدلالة على التكثير والمبالغة .
نحو : طوَّف المعتمر حول الكعبة . أي : أكثر الطواف .
جوَّلتُ في المدينة . أكثرتُ التجوال .
موتتْ الإبل . كثر فيها الموت .
والغالب في " فعَّل " أن يكون لتكثير الفعل كما في المثالين الأول والثاني ، أو للتكثير في الفاعل ، كما في المثال الثالث .
والتكثير في الأمثلة السابقة كان في الفعل اللازم ، أما في مفعول الفعل المتعدي ، فنحو : غلَّقتُ الأبواب . أي : أكثرت إغلاقها .
وقطَّعتُ الأثواب . أي : أكثرت قطعها .
ومنه قوله تعالى { وغلِّقت الأبواب } 1
وقد لا يأتي فعَّل للتكثير ، نحو : فرَّح ، وكرَّم ، وعلَّم ، ووسَّم .
2 ـ يأتي للتعدية : وهو أن يصير الفعل اللازم متعديا بالتضعيف " فعَّل " ، وهو مشارك لأفعل في هذا المعنى .
نحو : فرَّحتُ الناجح . أي : جعلته فرحا ، وأصله : فَرِحَ الناجح . لازم .
ونوَّمتُ الطفل . جعلته نائما ، وأصله : نام الطفل . لازم .
وبالتضعيف أيضا يصير الفعل المتعدي إلى مفعول به واحد متعديا إلى مفعولين ، غير أنه لا يتعدى " فعَّل " إلى ثلاثة مفاعيل كما هو الحال في صيغة " أفعل " .
ومثال تعديه إلى مفعولين :
لبَّستُ الطفل الثوب . بمعنى : ألبسته الثوب ، وأصله : لبس الطفل الثوب . متعد لواحد .
ــــــــــ
1 ـ 23 يوسف .
وفهَّمتُ الدارس المسألة . أي : أفهمته المسألة ، وأصله : فهم الدارس المسألة . متعد لواحد .
وعلَّمته المشي . أي : أعلمته المشي ، وأصله : علم الطفل المشي . متعد لواحد .
وأكَّلت الطائر الحب . بمعنى : أأكلته الحب ، وأصله : أكل الطائر الحب . متعد لواحد .
3 ـ للدلالة على النسبة : وهو أن ينسب المفعول إلى أصل الفعل ، ويسمى به .
نحو : فسَّقت الرجل . أي : نسبته إلى الفسق ، وسميته فاسقا .
وكفَّرت فلانا . نسبته إلى الكفر ، وسميته كافرا .
وخوَّنت المرأة . نسبتها إلى الخيانة ، وسميتها خائنة .
4 ـ للدعاء على المفعول ، أوْ له بأصل الفعل .
نحو : جدعته . بمعنى : جدعك الله .
وعقرته . أي : عقرك الله .
ومثال الثاني :
سقيت الرجل . بمعنى : سقيا لك .
ورعيته . بمعنى : رعاك الله .
5 ـ للدلالة على السلب : ويعني إزالة الشيء عن الشيء .
نحو : جلَّد الجزار الشاة . أي : أزال جلدها بالسلخ .
وقرَّد الراعي البعير . أزال قراده .
وقشَّرت الفاكهة . أزلت قشرها .
وقلَّمت الأظافر . أزلت قلامها .
6 ـ للدلالة على الصيرورة : وهو أن يصير الشيء شبيها لشيء آخر ، مشتق من أصل الفعل .
نحو : قوَّس الرجل . أي : صار شبيها بالقوس .
وروَّ المكان . صار شبيها بالروض .
وحجَّر الطين . صار شبيها بالحجر في جموده .
وعجزَّت المرأة ، وثيَّبت ، وعوَّنت . أي : صارت عجوزا وثيبا وعوانا .
7 ـ للدلالة على التوجه : وهو المشي إلى الموضع المشتق منه " فعَّل " .
نحو : كوَّف المرتحل . أي : توجَّه ، أو مشى إلى الكوفة .
ومصَّر المسافر . توجَّه إلى مصر .
ويمَّن الرجل . مشى أو توجه إلى اليمن .
وشرَّق الرجل أو غرَّب . أي : توجهه إلى الشرق ، أو الغرب .
8 ـ ويأتي " فعَّل " بمعنى : عَمَلُ شيءٍ في الوقت المشتق هو منه ، ويعرف بالتوقيت .
نحو : هجَّر الرجل . أي : سافر في الهاجرة .
وصبَّح المسافر . سار في الصباح .
ومنه قول عمر بن أبي ربيعة :
أمن آل نُعْم أنت غاد فمبكر غداة غد أم رائحٌ فمهجِّر
9 ـ للدلالة على أن الشيء صار ذا أصله :
نحو : ورَّق الشجر . بمعنى : أورق الشجر ، صار ذا ورق .
وعفَّن الخبز . أي : أعفن ، صار ذا عفن .
وقيَّح الجرح . أي : أقيح ، صار ذا قيح .
10 ـ قبول الشيء :
نحو : شفّعتُ محمدا . بمعنى : قبلت شفاعته .
ووسَّطتُ خالدا . أي : قبلت وساطته .
11 ـ لاختصار الحكاية :
نحو : كبَّر الإمام . أي : قال الله أكبر .
وسبَّح المصلي . قال : سبحان الله .
ولبَّى الحاج . قال : لبيك .
وهلَّل القوم . قالوا : لا إله إلا الله .
وأمَّن المصلون . قالوا : آمين .
12 ـ ويأتي " فعَّل " للدلالة على معنى " فَعَلَ " :
نحو : زيَّلت الشيء . أي : زلته ، بمعنى : فرقته . وزيَّل من الفعل : زال يزيل .
13 ـ ويأتي للدلالة على معنى " تفعَّل " :
نحو : ولَّى زمام الأمر . بمعنى : تولَّى زمامه .
14 ـ التصيير :
نحو : جمّعت الطلاب : جعلتهم يجتمعون .
ودسم الرجل الطعام : جعل له دسما .
ثانيا ـ الثلاثي المزيد بحرفين :
وهو ما يعرف بالفعل الخماسي المزيد في أوله ، وله خمسة أوزان :
1 ـ انفعل : مزيد بالهمزة والنون في أوله ، وأكثر ما يأتي مطاوعا للفعل " فَعَل " ، وتسمى الأفعال المطاوعة أغعلا انعكاسية ، ذلك أن الفاعل معها يفعل الفعل بنفسه .
المعاني الناتجة عن الزيادات السابقة في الفعل المزيد بحرفين :
1 ـ معاني انفعل :
لا تخرج معاني " انفعل " عن المطاوعة ، لذلك لا يكون إلا لازما ، كما بينا سابقا ، ومطاوعته تكون لـ " فَعَلَ " المتعدي لمفعول به واحد ، والمختص بالأفعال العلاجية والتأثيرية (1) .
وقد يأتي " انفعل " غير مطاوع ، بمعنى أنه قد يؤخذ من أفعال غير متعدية ، وهو قليل . نحو : انكمشت ، وانجردت .
ومنه قوله تعالى : { وإذا النجوم انكدرت }2 .
فالأفعال السابقة مما يستعمل فيها " انفعل " ، ولكنها ليست مما طاوع " فَعَلَ " بمعنى أن تلك الأفعال لم تكن متعدية ، مثل : حطمته فانحطم ، وجذبته فانجذب ، وإنما هي لازمة بمنزلة : ذهب ، ومضى .
ثانيا ـ معاني " افتعل " :
1 ـ يكون لمطاوعة " فَعَلَ " غالبا سواء أكان من الأفعال الدالة على العلاج والتأثير .
1 ـ الأفعال العلاجية والتأثيرية : هي الأفعال الدالة على الحركة المحسوسة ، والتي تحتاج في حدوثها إلى تحريك عضو من الأعضاء ، ويرى بالنظر ، كالضرب ، والقطع ، والسحب ، والجذب ، والتكسير ، والتحطيم . أما الأفعال غير العلاجية فهي : الدالة على الأشياء غير المحسوسة كالعلم والظن ، ولا تكون مطاوعة ، إذ لا يصح أن نقول : علمته فانعلم ، ولا ظننته فانظن .
ويمكن التفريق بين صيغة " تفاعل " وصيغة " فاعل " ، وكلاهما يفيد التشريك بأن " تفاعل " وضع لنسبة الفعل إلى المشتركين فيه من غير قصد إلى التعلق له ، أي : انه يكون لمشاركة أمرين فصاعدا في أصله صريحا .
نحو : تقاتلا ، وتشاركا ، وتمازحا .
أما " فاعل " فإنه وضع لنسبة الفعل إلى المشتركين متعلقا بغيره ، مع أن الغير هو الذي فعل ذلك ، أي : أنه يكون لنسبة أصله إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر للمشاركة صريحا .
نحو : قاتلته ، ولاطفته ، وشاركته .
وعليه فإن كان " تفاعل " من " فاعل " المتعدي لمفعول به واحد صار لازما .
نحو : ضارب محمد عليا . يصبح : تضارب محمد وعلي .
وخاصم يوسف خالدا . يصبح : تخاصم يوسف وخالد .
وإن كان " تفاعل " من " فاعل " المتعدي لمفعولين صار متعديا لمفعول به واحد .
نحو : نازعت جاري البيت . يصبح : تنازعنا البيت .
وجاذب محمد خالدا الكرة . يصبح : تجاذب محمد وخالد الكرة .
2 ـ التظاهر : وهو ادعاء الفاعل بحصول الفعل له ، وهو منتف عنه .
نحو : تجاهلت الأمر . أي : أظهرت من نفسي التجاهل للأمر دون الحقيقة .