تظاهر المئات فى ميدان التحرير، أمس الجمعة، معلنين رفضهم إطلاق مسمى «جمعة لم الشمل» وأصروا على على أن يطلقوا عليها «جمعة الثورة مستمرة»، مؤكدين استحالة أن يضعوا أيديهم فى أيدى من قالوا «آسفين ياريس»، ورفع المعتصمون الصفحة الأولى من «المصرى اليوم»، وأبرزوا للمارة والسائرين بالميدان خبر براءة جميع المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين بالسيدة زينب.
فى البداية توافد العشرات منذ صباح أمس للميدان، فى ظل أجواء طقسية سيئة، لمشاركة المعتصمين صلاة الجمعة، ورددوا هتافات تنادى بـ«سقوط العسكر»، و«ثورة ثورة حتى النصر.. ثورة فى كل شوارع مصر»، و«سامع أم شهيد بتنادى.. العسكر قتلوا ولادى».
ورصدت «المصرى اليوم» تزايد أعداد الخيام، وظهرت الخيام فى الحديقة المقابلة لمجمع التحرير لأول مرة منذ قيام الجيش بإخلائها وحرقها أثناء فض الاعتصام بالتحرير وأمام مجلس الوزراء، فيما قام المعتصمون بعمل لجان شعبية لتنظيم حركة المرور.
ودعا المتظاهرون للمشاركة فى احتفالية «عام الحرية» فى ميدان التحرير، فى تمام الساعة الثامنة مساء اليوم إلى الواحدة صباحا، احتفالا بالعام الجديد، وبمشاركة عدد كبير من الفرق والأفراد، ويتضمن برنامج الحفل: تسابيح وترانيم مسيحية وأدعية وتواشيح إسلامية وصوفية، وأغانى وأشعاراً وطنية.
قال جمعة محمد على، منسق عام ائتلاف بيت الثورة، فى خطبة الجمعة بميدان التحرير: «نرفض الدعوة التى أطلقوها تحت عنوان جمعة لم الشمل، فجمعتنا هى جمعة الثورة مستمرة، ولن نضع أيدينا فى أيدى أنصار مبارك ومتظاهرى العباسية».
وأضاف أن حكم البراءة الصادر أمس الأول، الخميس، بحق المتهمين بقتل المتظاهرين فى السيدة زينب يأتى تمهيدا لبراءة مبارك، مستطردا: «المجلس العسكرى يراوغ ولا توجد لديه النية لتحقيق أهداف الثورة، وإدارته للبلاد فاشلة».
وتابع: «نحن لا نبخس القضاء حقه، ولا ننتقده أو نشكك فيه، ولكن الداخلية هى المسؤولة عن حكم البراءة لهؤلاء، بما قدمته من شهادات مزيفة، تثبت عدم وجود المتهمين بقتل الثوار فى السيدة زينب فى مواقع الأحداث وقتها».
وقال: «وزارة الداخلية لا تزال تلهو بنا، فالتعذيب مستمر بأقسام الشرطة، ومؤخرا وقعت جريمة تعذيب فى قسم الزهور ببورسعيد، وعلى الداخلية أن تحقق فى الأمر، ومن الضرورى إعادة هيكلتها».
وطالب جمعة بعودة من سماهم «الضباط الشرفاء» فى الشرطة للعمل مع الجمهور، «بعدما عانوا من استبعاد العادلى لهم من التعامل مع الجمهور، ونقلهم لوظائف إدارية، لرفضهم الانتهاكات التى تقوم بها الوزارة ضد المواطنين»، كما طالب بتطهير وسائل الإعلام.
ووزع المعتصمون بياناً فى الميدان قالوا فيه: «إن قراءة الأحداث التى مرت بالثورة منذ بدايتها وحتى الآن من قتل وسحل واعتقال وتشويه للثوار، تؤكد أن هناك نية مبيتة للقضاء على ثورتنا الشعبية المجيدة، وجاء حكم تبرئة قتلة الثوار دليلاً جديداً وواضحاً على ما استقر فى وجدان الثوار بأن خطة الثورة المضادة مستمرة فى غيها ومحاولة إطفاء جذوة الثورة المشتعله، وهو ما لم ولن يتحقق، فنحن أسر شهداء ثورة ٢٥ يناير وثوارها مصممون على تحقيق جميع أهداف الثورة وليعلم كل متآمر وخائن أننا جميعا قد احتسبنا أنفسنا شهداء فى سبيل الحق والعدل والكرامة».
ودعا الموقعون على البيان جميع الثوار إلى وقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالى اليوم فى تمام الساعة ١٢ ظهراً، ووقع على البيان ١٣ أسرة شهيد، بالإضافة إلى أعضاء من ائتلاف شباب الثورة.
ونظم المئات مسيرة من مسجد عمر مكرم لكنيسة قصر الدوبارة المواجهة له، قادها الشيخ مظهر شاهين والمستشار زكريا عبدالعزيز، رئيس نادى القضاة السابق، وأحمد دراج، عضو الجمعية الوطنية للتغيير، لتهنئة القس سامح موريس، كاهن كنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية، بأعياد الميلاد المجيد.
وقال شاهين: «الإسلام أمرنا أن نحسن لجيراننا، والعلاقة بين الكنيسة والمسجد علاقة مستمرة منذ بداية الثورة، وفى كل الحروب التى خاضتها مصر شارك فيها مسلمون ومسيحيون، وسالت دماؤهما معا.. ومصر عاش فيها محمد عبده ومكرم عبيد باشا، وكلاهما رمزان وطنيان كبيران نجحا فى نهوض مصر ودفعها للتقدم».
وأضاف: «هذا الوطن شيدت أعمدته أياد مسلمة ومسيحية، وهذه الكنيسة فتحت أبوابها منذ اللحظة الأولى لثورة ٢٥ يناير، مثلها فى ذلك مثل مسجد عمر مكرم، وكان المصريون ينامون فى المسجد والكنيسة دون تفرقة بين مسلم ومسيحى، ودون أدنى اهتمام بمعرفة ديانة أى منهما».
وأشار إلى أن «هذه المسيرة رسالة نوجهها إلى أعدائنا بالداخل والخارج، فإلى أعداء الخارج نقول كفوا أيديكم عن العبث بمصر، فليس لدينا مشكلات طائفية كما تروجون، وإنما مشكلتنا فى الفكر، ونحتاج إلى تصحيح كل المفاهيم الإسلامية والمسيحية الخاطئة، والمصريون قادرون على ذلك دون تدخل من أحد، ومصر ستبقى دولة آمنة يحرسها المسلم والمسيحى معا».
من جانبه وجه القس سامح موريس الشكر لكل من تواجدوا فى المسيرة لتهنئته بعيد الميلاد المجيد، وقال: «نحن نقدر كل المبادرات التى تخرج من مصريين مستنيرين من أجل الحفاظ على وحدة مصر ومستقبلها»، مشيرا إلى أن الكنيسة فتحت أبوابها للمتظاهرين بأكملهم، الذين هتفوا «مسلم ومسيحى إيد واحدة»، و«مصريين مصريين مسلمين ومسيحيين»، و«القرآن مع الإنجيل.. مصر يا بلدى يا أرض النيل».
فيما قامت الفرقة الموسيقية بالكنيسة بعزف ترنيمة «بارك بلادى» احتفالا بهذه التهنئة التى وصفوها بأنها «كبيرة وتعبر عن روح وطنية مخلصة».
وتوجه جانب من المتظاهرين بعد ذلك بصحبة، الشيخ مظهر شاهين، والمستشار زكريا عبدالعزيز والناشط أحمد دراج، إلى مقر اعتصام أسرة الشيخ عمر عبدالرحمن، الذى يقضى عقوبة بالسجن مدى الحياة فى الولايات المتحدة الأمريكية، أمام مقر السفارة الأمريكية، هاتفين: «الشعب يريد الإفراج عن عبدالرحمن»، و«الشعب يريد تدخل المشير».
وقال المستشار زكريا عبدالعزيز: «هذه ليست المسيرة الأولى لمقر الاعتصام، وإنما هى واحدة من سلسلة من المسيرات توجهنا بها لمقر السفارة الأمريكية للمطالبة بالإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن المعتقل فى أمريكا».
وأضاف: «لا أعرف لماذا لم تتدخل السلطات المصرية للإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن، ومن المفترض أن مصر بعد ثورة ٢٥ يناير قد تغيرت وتبحث عن مصالح أبنائها وشيوخها، وكان يجب أن يكون هناك تحرك قوى من الحكومة والمجلس العسكرى للإفراج عن الشيخ عمر وغيره من المعتقلين بأمريكا».
وقال الشيخ مظهر شاهين: «سنظل ندعم الاعتصام حتى يتم الإفراج عن شيخنا ويعود لأرض الوطن، ولا أعرف لماذا كل هذا التعنت فى الإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن، والمجلس العسكرى مسؤول عن استمرار اعتقاله حتى الآن داخل السجون الأمريكية».