الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: حقائق فيلم " أجورا " لماذا تسبب كل هذا الرعب ..؟! الإثنين يناير 16, 2012 4:54 am
قررت الرقابة على المصنفات الفنية منع عرض الفيلم الإسباني التاريخي "أجورا" في مصر بناءا على اعتراض المجمع المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية ، وقال رئيس الرقابة سيد خطاب في توضيحه لأسباب منع عرض الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا ، أنه قد يفهم منه الإساءة إلى إخواننا المسيحيين ، هكذا ببساطة وأدب كبير وبدون الجعجعة المعتادة . انتظرت أن أسمع صوتا واحدا من "الحنجوريين" المدافعين عن حرية الإبداع وحرية الفن ، والأقلام الذين طالما أعطونا الدروس العظيمة عن خطورة وصاية الدين على الفن والذين شنعوا على أي مسلم اعترض ـ مجرد اعتراض ـ على فيلم إباحي أو مشين أو مهين للرموز الإسلامية ، ووصفهم له بأنه ظلامي وأنه يعيش في تراث قمع القرون الوسطى ، انتظرت أحدا من النقاد الأشاوس يخرج صوته منددا بهذا العدوان الفج على فيلم عالمي يناقش مرحلة تاريخية في القرن الرابع الميلادي ، فلم أجد أحدا ، الجميع ابتلعوا ألسنتهم ، وأحنوا رؤوسهم لعواصف التطرف ، خوفا وطمعا . صحف الملياردير ساويرس الثلاثة جعلوا أذنا من طين وأذنا من عجين ، وهي الصحف الأكثر شنشنة بالحديث عن الحداثة والحرية والانفتاح والتعددية والإبداع والتنوير ، والهجوم الساخر البذيء على الإسلام ورموزه وحرماته ، كلهم خرسوا، لأن صاحب النعمة والعطايا ودفتر الشيكات لن يقبل انتقادهم للكنيسة ولا أي موقف لهم دفاعا عن فيلم يكشف أن واقعة حرق مكتبة الاسكندرية الشهيرة قام بها متشددون مسيحيون في القرن الرابع الميلادي ، ويكشف عن وقائع المذابح التي قام بها متشددون مسيحيون ضد المختلفين معهم في الرأي والدين ، وكيف أن الكنيسة قامت برجم الفيلسوفة "هيباتيا" التي كانت تتحدث عن "الجاذبية الأرضية" واعتبروا كلامها هرطقة تستحق عليها القتل رجما بالحجارة ، وحاولت تهريب جانب من مكتبة الاسكندرية لإنقاذها من التدمير والحرق ففشلت . هذا فيلم تاريخي ، لا يتعلق بعقائد ولا كتب مقدسة ، وإنما رؤية تاريخية ، كتبها مسيحي وأنتجها مسيحي وأخرجها مسيحي ، وكلهم أوربيون أسبان ، وهو فيلم بالمقاييس الفنية التي تحدث عنها النقاد واحد من أعظم الأفلام في تاريخ السينما الإسبانية ، فلماذا منعوا من عرضه في مصر ، هل أصبح رجال الإكليروس هم الذين سيحددون للمصريين ما هو التاريخ ، وهل تاريخ العالم المعتمد هو الذي تعتمده الكنيسة المرقصية وما رفضته فهو مرفوض ولا يجوز الكتابة عنه أو تمثيله ، هل تحول التاريخ وعلومه إلى دروس كنسية يحتكر "الكهنة" معرفة أسرارها وخفاياها ولا يجوز "للعوام" الخوض فيها . لقد طرح "الأفاكون" طويلا في الصحف المصرية والفضائيات وفي الخارج الاتهامات الفاجرة إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه ، فاتح مصر ، بأنه هو وجنوده الذين أحرقوا مكتبة الاسكندرية ، وهي أكذوبة فندها الباحثون بعلمية صارمة ، فهل عندما يأتي فيلم أجنبي يطرح رؤية تاريخية فنية تقول بأن الذي أحرق المكتبة هم متشددون مسيحيون في القرن الرابع الميلادي يتم إخراسهم وإسكاتهم ومنع أصواتهم من الوصول إلى المثقف المصري ، لأن قولهم هذا يسيئ إلى "إخواننا الأقباط" . وأين المنظمات الحقوقية التي انتثرت بالعشرات بل المئات في أزقة القاهرة وحواريها ، ولا تترك موقفا لعالم مسلم أو داعية أو معمم ينتقد فيه فيلما سينمائيا أو يبدي تحفظه على شيء في السينما أو الفن عموما إلا وأهانوه وأمطروا الصحف والانترنت بالبيانات العنترية عن حماية المبدعين وحماية الدولة المدنية ومنع وصاية رجال الدين على الفن . أين اختفت هذه "الدكاكين" ، وبوجه آخر ، ما هو المبلغ المطلوب دفعه لكي يصدروا بيانا يدين اعتداء الرقابة المصرية على الفن وفرضها وصاية على العقل والوعي المصري .. ----- * شكرا للاستاذ جمال السلطان صاحب جريدة المصريون على دفاعه الرائع عن الفيلم وعن حرية الابداع فى جريدة المصريون .