الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: عداء اللغة العربية: الأربعاء فبراير 03, 2010 1:36 pm
عداء اللغة العربية: في الوقت الذي نزل الروح الأمين ومعه القرآن كان العرب على عاداتهم وتقاليدهم ,واللغة العربية هي لغة التخاطب والتحادث والتسامر,وفي زمن كانت اللغة العربية في أوجها والبلاغة قد سمت, والفصاحة قد علت,والشعر قد أخذ من ألباب العرب وقلوبهم أي مأخذ,والرسول محمد عليه الصلاة والسلام كان عربي اللسان فصيح المنطق بليغ الكلام,وكان قد بدأ دعوته بين أهله وربعه من العرب ممتثلًا لأمر الله تعالى:" وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ",وخاطبهم بلغتهم التي يعرفونها ويتقنونها خير إتقان,وبلسان عربي مبين لا عوج فيه, فقد كان عليه الصلاة والسلام من أفصح العرب ,فقد جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:" أنا أفصح العرب بيد أني من قريش, ورضعت في بني سعد بن بكر", , وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال للرسول:"ما بالك أفصحنا, ولم تخرج من أظهرنا",بمعنى أنك لم تخرج من بيننا, ومع ذلك فأنت الأفصح. ولم يفند أحدهم عربية لسان النبي عليه الصلاة والسلام ولم يشكك أحدهم بذلك رغم كثرة أعدائه وشدة وطأتهم عليه,كما ولم يدّع أحدهم أعجمية القرآن أو رطانة لسان النبي عليه الصلاة والسلام,بل كل ما لازموه من وصف لم يخرج عن الشعر والجنون,وحين إدعوا أن راهبًا نصرانيًا أعجميًا يعلمه القرآن من ضعف حجتهم وضيق حيلتهم,دحض الله سبحانه وتعالى قولهم الساذج هذا بحجة عقلية لا تقبل الرد حيث قال الله تعالى:" وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ",قال الرازي في تفسير هذه الآية:" إن العرب تسمي كل من لا يعرف لغتهم ولا يتكلم بلسانهم أعجم وأعجمياً. قال الفراء وأحمد بن يحيـى: الأعجم الذي في لسانه عجمة وإن كان من العرب، والأعجمي والعجمي الذي أصله من العجم قال أبو علي الفارسي: الأعجم الذي لا يفصح سواء كان من العرب أو من العجم، ألا ترى أنهم قالوا: زيادة الأعجم لأنه كانت في لسانه عجمة مع أنه كان عربياً" اهـ وقال ايضًا:" وأما تقرير ووجه الجواب فاعلم أنه إنما يظهر إذا قلنا: القرآن إنما كان معجزاً لما فيه من الفصاحة العائدة إلى اللفظ وكأنه قيل: هب أنه يتعلم المعاني من ذلك الأعجمي إلا أن القرآن إنما كان معجزاً لما في ألفاظه من الفصاحة فبتقدير أن تكونوا صادقين في أن محمداً صلى الله عليه وسلم يتعلم تلك المعاني من ذلك الرجل إلا أنه لا يقدح ذلك في المقصود إذ القرآن إنما كان معجزاً لفصاحته وما ذكرتموه لا يقدح في ذلك المقصود. واعلم أن الطعن في نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمثال هذه الكلمات الركيكة يدل على أن الحجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ظاهرة باهرة، فإن الخصوم كانوا عاجزين عن الطعن فيها، ولأجل غاية عجزهم عدلوا إلى هذه الكلمات الركيكية.اهـ في مثل هذه الظروف نزل القرآن الكريم وبلّغ الرسول الأمين محمد علية الصلاة والسلام ما تنزّل عليه بلغة أشد ما يفهمونها ,فلم يقدر أحدهم على الطعن بلغة القرآن ولم يستطع أحدهم أن يعادي لغة الدين الجديد,بل وحتى أشد الناس عداوة وبغضًا وأحملهم على سيدنا محمد ,كان كلام الله يمس شفاف قلوبهم ويحرك فيهم سليقتهم اللغوية فيبهرهم ويأسر أسماعهم, فقد جاء في كتب السيرة أن أبا سفيان بن حرب وأبا جهل بن هشام والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي حليف بني زهرة خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي من الليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا . فجمعهم الطريق فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ، ثم انصرفوا ، حتى إذا كانت الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا . فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته فقال أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد فقال يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها ، وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها ، قال الأخنس وأنا والذي حلفت به . قال ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه بيته فقال يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ فقال ماذا سمعت ، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تحاذينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه والله لا نؤمن به أبدا ، ولا نصدقه . قال فقام عنه الأخنس وتركه"اهـ وها هو الوليد بن المغيرة يشير ببداهة العربي وسليقته على عظمة القرآن وعلو كعبه اللغوي: " إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه يعلو وما يعلى عليه".اهـ فهذه شهادات على بلاغة القرآن وسمو لغته وحسن أسلوبه,مما سبق يتبين لنا أن اللغة العربية لم يقدح فيها أحد ولم تعان من بغض أو كره أو إضطهاد وذلك للأسباب التالية: 1.اللغة العربية كانت لغتهم كما كانت لغة القرآن ولغة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام,فالطعن فيها طعن في أعز ما كانوا يملكون,وكرهم لها وإضطهادهم لها هو كره لأنفسهم وإضطهاد ذاتهم. 2.معرفتهم بلغتهم جعلتهم يميزون الحسن من القبيح من الكلام,فلو وجدوا ما يطعنون فيه من لغة القرآن لما تخلف أحدهم عن ذلك وفيهم الشعراء والخطباء, وهم واضعوا الألفاظ لتلك المعاني, فأنى لهم الطعن والنكير. 3.جاء القرآن بأسلوب رفيع في عرض الأحكام والأحداث ,واستعمل ألفاظًا هم أعلم بها فلو كانت على غير طريقتهم في البلاغة لأستنكروها وما عنّوا,ثم إن بلاغة القرآن فاقت بلاغة الرسول عليه الصلاة والسلام وإختلفا الأسلوبان,فالرسول عليه الصلاة والسلام كان يحدّث بما أتاه الله من بلاغة كما كان يبلّغ ما يوحى إليه من القرآن,وكان طعنهم كما جاء سابقًا في تعليم الراهب النصراني وقد فنّدها القرآن. وكان هذا الحال في عهد الصحابة رضوان الله عليهم ,فقد بقيت اللغة العربية الملك المتوج على اللغات والمنهل الذي منه يعب الدارسون والعلماء ,ولم تعرف العربية كرهًا أو ذمًا.