الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: خبرة التحرش.. والخوف من الزواج السبت فبراير 06, 2010 4:17 pm
سؤالي حول صديقة لي قريبة مني جدا تعرضت لتحرش جنسي في طفولتها؛ مما ترك بداخلها جرحا عميقا وكرها للرجال وللزواج، وبسببه رفضت فكرة الزواج إلى الأبد، ورفضت النقاش حول هذا الأمر وقبول أي خاطب.
وبعد سنين من محاولتي إقناعها بمراجعة طبيب نفسي وافقت على إجراء فحص سريري للتحقق من سلامة غشاء البكارة وكانت المفاجأة أن كان سليما، وكان ذلك حدثا عظيما في حياتها أحدث تغييرا في تعاملها واهتماماتها وأسلوب حياتها، لكنها بقيت رافضة لفكرة الزواج نهائيا.
وبعد 8 شهور نجحتُ وأسرتها في إقناعها بالموافقة على قريب لها وتمت الخطبة، والزواج سيكون قريبا بعد عام من إجرائها للفحص السريري، ولكنها ترفض التعامل مع زوجها إلا كأخ، ولا تعطيه شيئا من حقوق الزوجية في مدة خطبتها.
وتقول إنها لن تفعل معه أكثر مما تفعله الآن قبل الزواج، وإنها تقبل بالطلاق إذا تأزم الأمر (علما بأنه لا أحد يعلم شيئا من حقيقة أمرها سواي لأني صديقتها القريبة، بل الجميع يثيرون الشكوك حول رفضها للزواج ويظنون بها ظنونا أخرى) رغم أنه رجل حسن الخلق.
سؤالي: أشعر بثقل المسئولية الملقاة على عاتقي؛ لأني وحدي من أعلم الحقيقة وهي لا تستمع لكلام أحد سواي.
وأقبلت على خطوات كثيرة بدعم وتشجيع مني، لكن كيف لي الآن أن أعينها على تقبل فكرة الزواج؟ وأخشى عليها أن تخرب بيتها بيدها؛ فهي فتاة عنيدة لأبعد الحدود.
الحل
أن خبرة التحرش في الصغر خبرة سيئة ومؤلمة؛ و"غالبا" ما ينتج عنها نموذجان للمتحرش بهم: النموذج الأول: هو نموذج صديقتك التي تكره المعاشرة والرجال وتراهم كلهم ذئابا ينتظرون اللحظة المناسبة ليلتهمونها بلا رحمة.
والنموذج الثاني: رغم ألم التجربة إلا أنه يتحول لشخص يبحث عن اللذة الجنسية بشكل مبالغ فيه، إما عن طريق العادة السرية، أو عن طريق إدمان علاقات جنسية بأشكال مختلفة.
وفي كلتا الحالتين حالة التحرش هي حالة تحتاج لتخصص نفسي بالدرجة الأولى، لذلك أنت وحدك لا تستطيعين أن تقومي بهذا الدور؛ لأن المتخصص يضع برنامجا تأهيليا يعيد صياغة الشخصية وأفكارها ومشاعرها وتواصلها الطبيعي مع الرجال بشكل خاص من جديد، ويأخذ وقتا وجهدا ومتابعة متخصصة.
ولذا إذا نصحتها أنت بأخذ تلك الخطوة سيكون مفيدا، على أن تختارا طبيبة ماهرة ثقة، ويمكنك حضور الجلسات معها لتدعميها في الحياة العادية بواجبات قد تطلبها الطبيبة منك، وحتى يحدث ذلك أتمنى أن توصلي لها تلك الرسائل بشكل مستمر وهادئ وواضح فتوضحي لها أن:
* رؤيتها لكل الرجال على أنهم سيئون واهتمامهم هو بالجنس فقط ما هو إلا طريقة غير عقلانية في التفكير، أو يمكن أن نسميه "التعميم" فأحيانا نمر بخبرة صعبة تجعلنا نعممها على مواقف أخرى، فوجود بعض الرجال منحرفي السلوك كالذي قابلتهم لا يعني أن كل الرجال كذلك.
* المتحرشون الذين قابلتهم لا يفكرون في العلاقة العاطفية والمشاعر وتكوين بيت وأسرة، ولكنهم يتصرفون تصرفا انحرافيا محضا، لكن خطيبها يحبها ويعتبر سعادتها مسئوليته، واختارها لتكون شريكة حياته وأما لأبنائه، والفرق كبير، ويجب أن تتفهم أن المشاعر الجميلة والدفء والعاطفة لابد من ترجمتها على المستوى الجسدي بين الزوجين، ولتذكريها أنها حين تتأثر عاطفيا أو حين تريد أن تعبر عن اشتياقها لصديقتها أو والدتها فماذا تفعل؟ هي تقبلها أو تحتضنها لأنها تحبها... وهكذا.
العلاقة الحميمية بين الزوجة وزوجها علاقة جميلة وممتعة تسبب القرب والسعادة، فلم يخلق الله لنا غريزتنا ليعذبنا بها، أو لنتجاهلها، أو لنبترها، ولكن لاستخدامها في الوقت المناسب مع الشخص المناسب في الموقف المناسب، وسيكون ذلك طبيعيا بمرور الوقت بينها وبين زوجها.
وأي شيء في الحياة حين نستقبله في الموقف الخطأ يصير كريها مرّ المذاق؛ فحين نأكل اللحوم الطيبة ونحن نعاني البرد نجد مذاقها "مقرفا"، وحين نجلس مع بعض الظرفاء ونحن في حالة مزاجية سيئة نجدهم سخفاء! وكذلك حين نستقبل تلك السلوكيات في الوقت الغير مناسب مع الشخص غير المناسب نجده سلوكا فظا يثير الاشمئزاز، في حين أنه مع الزوج في فراش الزوجية يكون رائعا جميلا ممتعا؛ فلقد أعطانا الله عز وجل الجنس كنعمة من نعمه على الإنسان، فكيف تخافها وتكرهها بل ولا تحمد الله سبحانه عليها؟!
فلقد خلق الله الرجل والمرأة وجعل لكل منهما أجهزة جسمه كاملة تقوم بأداء وظائفها منفصلة، فالجهاز الهضمي يقوم بالهضم، والجهاز التنفسي يقوم بالتنفس... وهكذا، فيما عدا الجهاز التناسلي سواء عند الرجل أو عند المرأة فقد جعل الله تعالى نصف الجهاز عند الرجل والنصف الآخر عند المرأة ولا يقوم نصف الجهاز (سواء عند الرجل أو المرأة) بدوره كاملا إلا إذا وجد نصفه الآخر.
وإذا كان الأمر بمثل هذا الوضوح على المستوى الجسدي، فقد لا يبدو كذلك على المستوى النفسي؛ ولكن الحقيقة أن حاجة كل من الرجل والمرأة النفسية لبعضهما البعض تكون في كثير من الأحيان أقوى بكثير من الحاجة الجسدية، وذلك ما يجب عليها فهمه؛ فالعلاقة بين الإنسان والآلات علاقة منفصلة إلا الزواج فهو العلاقة الوحيدة بين بشر وبشر لتنتج بشرا يكون جزءا منك ترعينه وتخافين عليه ويزيد السعادة بينك وبين زوجك.
* أتمنى أن تصل في يوم من الأيام إلى تحقيق صفة "التسامح"، وأن تترك الله تعالى يحاسب عباده، وإذا كانت الظروف قد هيأت ما حدث فهذا أمر الله تعالى، وكما علينا أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله فعلينا أيضا أن نؤمن بالقدر خيره وشره.
فما حدث قدره الله لها وعليها أن ترضى بقضائه، ولكن ذلك لا يعني الاستسلام أو أن تقول إن الله قدر لها أن تخاف من كل الرجال، وإنما يعني أن تأخذ بأسباب الشفاء وتبحث عنها كما فعلت بإرسالك لنا، وأن تبذل الجهد في الفترة القادمة بالتوكل على الله أولا، وبمساعدة العلاج النفسي والتي ستأخذ وقتا للخروج من الأزمة ومن حالة الخوف التي طالت.