ألبوم يحمل اسم على غير مسمى .. لطيفة تفضح انهزام المرأة الخليجية
كاتب الموضوع
رسالة
زهرة
~¤ô¦§¦ ادارة المنتدى ¦§¦ô¤~
الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: ألبوم يحمل اسم على غير مسمى .. لطيفة تفضح انهزام المرأة الخليجية الجمعة مارس 19, 2010 1:26 pm
في الوقت الذي كانت هناك أصوات كثيرة تنادي بعدم خوض لطيفة تجربة الغناء بالخليجية مرة أخرى، كانت هناك بعض الأصوات العاقلة تدرك سبب رغبة لطيفة في خوض تلك التجربة مرة أخرى.
فلطيفة لم تطرق نوعاً أو لهجة أو ذوقاً من الغناء إلا ونجحت فيه، وبالتالي ألبومها الخليجي ليس أبداً محاولة بائسة منها لكسب جمهور في الخليج، فهي بالفعل لديها قاعدة جماهيرية لا بأس بها، وغيابها لعامين عن الجمهور المصري لن يؤثر أبداً، فتاريخها وعشرات أغانيها جعلتها في منطقة آمنة من النجومية .. منطقة لم تعد فيها لطيفة لتقلق على وضعها في السوق أو من رد فعل الجمهور، منطقة من النجومية كل ما هي مطالبة به فيها، هو أن تقدم شئ قيم يليق باسمها ليس إلا بغض النظر عن شكل او لهجة ما تقدم.
وتجربة لطيفة الخليجية هذه المرة ما هي إلا اختيار برئ منها غير مخطط له، ولا يحمل أيا أغراض مثلما تفعل المطربات الأخريات منعدمي التاريخ والحجم في السوق.
ومن هنا يكون تقييم تلك التجربة تقييم مهما كان فيه مآخذ، هو غير مؤثر أبداً ولا ينتقص من شأن لطيفة، كون خطوة الخليجية عندها، ليست أبداً جزءاً مهماً من خطة نجوميتها.
بداية، كان صادماً أن يضم الألبوم 14 أغنية، وهو الإسراف الذي يعطي انطباعا اوليا عن أن ذلك الألبوم هو محاولة لأرشفة تجربتها في اللهجة، فكثرة الأغنيات في أي ألبوم انعكاس واضح على أن الـ 14 أغنية ليست افضل الاختيارات، فالكثرة تعكس عدم الغربلة وانتقاء الافضل.
وفي ألبوم "أتحدى" تجد أن أكثر من نصف أغنياته "ع الفرازة"، والبقية مجرد أغنيات جميلة فقط لن تتعلق بالذهن بعد أكثر من عام.
تأتي أول أغنية في الألبوم "مملوح" لتثبت أن "الفذلكة" والإدعاء في المزيكا هو فقط ما يهدم بقية جماليات الأغنية، فالموزعين الآن يدعون معرفتهم بأذواق الجمهور، ويبالغون أحياناً في الاختلاف، لدرجة تجعل التوزيع الموسيقي في النهاية عبارة عن حفلة من الضجيج و"تخبيط الصواني" وهو بالفعل ما ظهر جلياً في توزيع "مملوح".
أما بالنسبة للكلمات فتستعرض فيها لطيفة فهمها لنفسية الرجل الوسيم، فاضحة سلوكه بعبارات ومرادفات تحمل في طياتها معايرة ساخرة ومضحكة، وتحاكم حبيبها بجمل قوية مثل:
إن كانه عندك عادي .. لما تعذب فؤادي
ترى هذي جريمة .. فيها معي متمادي
ثاني أغنية "عينك لبره" من أكثر الأغاني قيمة وتميز على الإطلاق، كلمات جريئة وتطرح بها قضية مهمة باستعراض دقيق جداً حيث الرجل صاحب العين "الفارغة" الذي تظل تشعر حبيبته بعدم الثقة فيه بسبب خيانته لها بنظراته لأخريات بمنتهى الوقاحة على مرأى منها، وتوجه لطيفة في الأغنية جمل قوية فيها محاكمة علنية وتساؤلات مخجلة مثل:
وبعد هذا ما بيني وبينك؟ صرت تفرح لما غيري يلمحونك.
وجملة أخرى: هذا وانا عندك وايدي في ايدينا .. كيف بس لو غبت ساعة عن عيونك؟
وتسب الرجل ضمنياً بمفردات جريئة مثل: انت لو تخجل على دمك وعينك .. كاني ما تسمح لغيري يغازلونك
وتستمر الأغنية في جو من الموسيقى الجنائزية بشدة، ولكن المدهش هو انتقال الملحن "الفيصل" ما بين الكوبليهات بموسيقى كلها فرحة على النقيض تماماً مع موضوع الأغنية، معتمد على آلات نفخ مبهجة، ربما جاء اختيارها رغبة في التعزية والمواساة، لا تعمداً لمناقضة حالة الأغنية.
قد ما اتحملت انا زينك وشينك .. قد ما تقسى على قلبي بجنونك.
خنتني وانا اللي عمري ما اخونك.
وصولاً لأغنية "اتحدى" الثالثة في الألبوم، والتي استحقت أن تحمل اسم الألبوم كونها تحمل كل خبرة وروح لطيفة القوية في الغناء، فتنقل الأغنية حالة من التفاؤل والقوة والتحكم لدى المرأة التي تعلن عن مدى ثقتها في نفسها ومدى تميز سلوكها العاطفي الذي أبداً لن يجعل الرجل يعيش بدونها، أو حتى ببديل لها، مستعرضة كل مزاياها الأخلاقية والعاطفية وضاربة المثل بنفسها في أكثر من جملة مثل:
لو تلف الكون كلا اتحدى تحب والله
انت لو حبيت غيري كله ايام وتمله
ترجع تحن لغرامي ينكسر للود ضامي
حبي لك شمس ِ ومظلة طيعني واسمع كلامي
وهي التشبيهات التي تحمل عاطفة قوية وتلميحات تهديدية خفيفة، جعلت للأغنية طعم.
ولا يخفى ذكر أن مقدمة الأغنية ساهمت بشكل كبير في الانطباع الذي تتركه الأغنية في النفس.
بعد أول ثلاث أغنيات يبدأ المستمع في تكوين انطباع عن أن الألبوم فيه حالات فرحة، ولكن بوصوله للأغنية الرابعة يفاجئ بحالة من الدراما المبالغ فيها في "ما جيتني" وهي أغنية التزمت فيها لطيفة خط المعايرة لحبيبها القاسي الذي تعرض للقسوة فيما بعد.
أغنية "يا اناني" تحمل روح التسعينيات في موسيقاها ومود لطيفة المرتفع، الواضح في صوتها، حيث اجتماع الحيوية والبساطة .. كلمات جميلة ولحن سلس غير معقد، يحكي عن الحبيبة التي ملت من انانية حبيبها فبدلا من تهديده والتوعد له، تقرر طرده مع حياته مع الاعلان عن كل مساؤه وتقصيراته في تلك العلاقة.
الأغنية السادسة "كل واحد" هي الاغنية الاشد كلاسيكية في الألبوم، تبدأ جملتها شارحة الحرية الشخصية في طريقة تعامل كل شخص مع مشاعره، مسترسلة في سرد الاختلافات بين اخلاقها في الحب واخلاق من تحب.
أما الأغنية السابعة "أني من ناح" فهي الأغنية الأشد عبقرية في كل أركانها من كلمات وألحان توزيع، بمدخلها الرائع على الجيتار، مروراً بآهات لطيفة الطربية النادرة، وصولاً إلى حالة البهجة الشديدة التي تدفع المستمع دفعاً لترك مقعده والقفز أو الرقص في الهواء، أغنية حررت فيها لطيفة الشركاء من الإلتزامات.
أغنية طرحت فيها حالة الراحة التي يشعر بها المنفصلون، مستشهدة بقلبها الذي يخذلها في كل حالة حب.
وهي الأغنية التي كانت تستحق أن تحمل اسم الألبوم أكثر من "أتحدى"، ولكن كون صانعوها غير خليجيين، ربما أخاف لطيفة من جعلها "الهيد" بجانب أن أسمها لا ينقل نعرة النجومية التي تنقلها كل مطربة بعنوان ألبومها الذي غالباً يحمل رسالة.
فكان اختيار لطيفة لعنوان "أتحدى" هو مجرد دليل على كونها نجمة طبيعية تحمل نعرة نجوميتها التي يحملها كل الناجحين أمثالها.
أغنية "وش عاد عنك" أغنية تمر مرور الكرام في كلامها ولحنها أشبه بأغنيات وقصائد الجلسات الخليجية، أما أغنية "وينك تعال" فهي اغنية درامية قصيرة تحكي عن قصة عاطفية غامضة، لم ترسم "بنت العطاء" خطوطها بوضوح، وتركت لطيفة تستجدي بدون شرح ما يستلزم ذاك الاستجداء الدرامي الذي تم صياغته في موسيقى شرقية درامية غاية في التميز.
الأغنية العاشرة "حلفتكم" انعكاس غاية في الواقعية لطبيعة المرأة الخليجية التي حين تقع في الحب تظل متمسكة بحبيبها بمنتهى العناد مهما اختلف الكل عليه في غيبته، وهو ما عبرت عنه لطيفة بكلمات غاية في العمق قائلة:
ما ابي في حياتي شيء إلا حبيبي .. انفاسه عطري وشوفه كحل لعيوني
بعده ضماي وقربه مني سحابه .. تمطر وتسقي ما ذبل من غصوني
أما اغنية "يا ساهرين الليل" هي الأغنية الأصعب في مرادفاتها التي لن يفهمها إلا المحليين فقط كونها من التراث القطري وتم تطوير لحنها فقط، وهي أشبه بحكاوي الجلسات تعتمد على مسامرة الذات والمرافقين في سرد طويل لتفاصيل في الحب.
تأتي بعدها "ما يستاهل" وهي أغنية عادية تمر أيضاً مرور الكرام تحكي فيها لطيفة عن المسامحة رغم إدراك الحبيبة لعدم استحقاق الطرف الثاني لها.
وأغنية "حبينا غيره" لا تحمل روح الأغنيات الخليجية، في موسيقاها، وتدور حول فرصة الحب للمرة الثانية بعد الفشل في الأولى، في مقارنة بسيطة بين الحال قبل وبعد التجربة الثانية.
وأخيراً الأغنية التي تختم بها لطيفة الألبوم "صبرنا يا اللي مصبرنا" مقدمة عاطفية بشدة، وكلمات تنطق بالحيوية عكس أغلب أغنيات الألبوم، ربما لحالة الشرقية التي تطغي على اللحن، وربما لكون الآلة الظاهرة عن بقية الآلات هي القانون التي يتم إدخالها بعد عدد من الآلات الوترية.
وقد اجتهدت لطيفة في إبراز المناطق الإيجابية في صوتها في تلك الأغنية.
في النهاية تجربة لطيفة في "أتحدى" أكثر منها تأريخ للهجة، هي تأريخ لحالة وطبيعة المرأة الخليجية التي أظهرتها لطيفة في أكثر من أغنية شخصية منهزمة مغلوبة على أمرها .. تتعرض للخيانة .. لعدم التقدير .. تتعرض للهجر .. تتعرض للهجوم في الحياة وفي مشاعرها، وتعيش حياتها العاطفية في حالة اضطرار دائم .. في حالة محايلة وصراع ومحاصرة لحبيبها المرغوب فيه في أغلبالأوقات