هل يغير الجدار الفولاذي بين مصر وغزة موازين القوي في المنطقة؟

رفح --تقف سيارات مدرعة تتبع الجيش المصري لحماية رافعات عملاقة وهي تغرس اذرعها الطويلة في باطن الأرض.

عندما تراها عن بعد تعتقد أنك تشاهد حفارات نفط ، لكن من الواضح أنها لا تنقب عن النفط بطول الحدود المصرية مع غزة في تلك التربة الحصوية الجافة.

لكن تلك الحفارات العملاقة تشق الأرض لزرع جدار فولاذي ، الغرض منه كبح جماح عمليات التهريب التي تشمل كل شيئ ، أغذية ونفط وسجائر وماشية وأجهزة حاسب آلي محمولة وأسلحة ، عبر شبكة من الانفاق محفورة تحت الحدود.

وإذا اكتمل بناء هذا الحاجز غير المرئي فسوف تتغير موازين القوى في المنطقة ، وستتبدل أوراق اللعب في يد حماس التي تحكم غزة واللاعبين الآخرين في المنطقة.

لذا يصف بعض المسئولين في حماس هذا الجدار بأنه"جدار الموت" بينما تنظر مصر اليه باعتباره مسألة سيادة و"كرامة".

حتى الآن لم يؤكد المسئولون المصريون سوى أن الدولة تبني "هيكلا هندسيا" تحت الارض علي طول الحدود ويحجمون عن الادلاء بمزيد من التفاصيل.

نتيجة لذلك ، تزداد التكهنات وترتفع نبرة التوترات بطول الحدود ، وشهد مطلع الاسبوع الجاري مصادمات بين الفلسطينيين الغاضبين الراشقون بالحجارة وحرس الحدود المصري، الذي سقط أحد جنوده ضحية طلق ناري قاتل.

لا أحد يعرف على وجه الدقة عمق عمليات الحفر سوى أولئك المشاركين في عمليات التخطيط والبناء. البعض يقول إن عمق الحفر يبلغ 30 مترا ، آخرون يقولون عشرون فقط ، كما لم تؤكد أي جهة أنه سيكون من الفولاذ الخالص الذي لا يمكن قطعه أو صهره.

بل إن بعض السكان المحليين في مدينة رفح الحدودية المنقسمة إلى شقين ، يخشون من حل آخر يبدو أكثر بساطة من المنظور المصري ، والذي يتلخص في أن الانابيب التي يقحمها العمال في باطن الأرض والتي قوضت بالفعل عددا من الأنفاق وأدت لانهيارها سوف تملأ في النهاية بمياه البحر الابيض المتوسط لتغرق تلك الأنفاق تماما.

آخرون قالوا إنهم رأوا العمال يضعون كابلات كهربية في الأنابيب بأجهزة استشعار لاكتشاف الانفاق.

يقول رجاء أبوهلال /43 عاما/ أحد ملاك الانفاق على الجانب الفلسطيني من رفح، وأحد من يراقبون الانشاءات بخوف وقلق" لا نعرف في واقع الأمر طبيعة العملية الأمنية التي يقوم بها المصريون على خط الحدود...لكننا واثقون أن هذه العملية تستهدف الانفاق وهذا التحرك سيضر بأعمالنا".

وتبلغ تكلفة حفر نفق تهريب واحد بين 60 إلى 80 ألف دولاروتستغرق ثلاثة أشهر من البناء. غير أن العدد الاجمالي لتلك الانفاق غير معروف حتى الآن.

وفارق الارقام كبير ، فالبعض يقول إنها 400 نفق والبعض الآخر يقول إن عددها 1500 نفق. ويقول سكان رفح إن عشرات من تلك الأنفاق تستخدم لتهريب الصواريخ وأسلحة أخرى، أما الباقي فيستخدم لتهريب البضائع.

وتبلغ أسعار البضائع المهربة أكثر من ضعف الثمن في حال مجيئها عبر الطريق القصير بين الحدود الجنوبية للقطاع ومدينة غزة في الشمال، لأن مالك النفق يجني أرباحا وحماس تجني حصتها، إضافة إلي ما يجنيه أصحاب المحال التجارية بالمدينة.

بالنسبة للرئيس المصري حسني مبارك ، فإن سيطرة حركة حماس على مقدرات الأمور على الحدود وهي الحركة التي تعتبر امتدادا لجماعة "الاخوان المسلمون" أكبر جبهات المعارضة في مصر، أمر غير مقبول تماما.

وفي الامس القريب قال مفيد شهاب وزير الدولة المصري للشئون القانونية والبرلمانية امام البرلمان "إن مساعدة إخواننا الفلسطينيين في قطاع غزة واجب بكل معاني الكلمة" لكن ليس على حساب انتهاك حدود مصر الدولية وأمنها القومي وكرامتها ومعاهداتها الدولية.

ومن الواضح ان الوزير المصري كان يقصد علاقات مصر مع الولايات المتحدة التي تحصل منها مصر علي مئات الملايين من الدولارات فى صورة مساعدات مالية.

كانت واشنطن أجرت محادثات مكثفة مع مصر في مساع لوقف تهريب الأسلحة لغزة.

يقول المحللون إنه إذا أثبت الجدار فعاليته فقد يؤدي إلى خنق حماس وإجبارها على العودة لمائدة التفاوض وتوقع في نهاية الأمر على ورقة المصالحة التي تم التوصل اليها بوساطة مصرية مع فتح ، وهو ما سيسمح بعد ذلك بإجراء انتخابات فلسطينية وإنهاء حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة .

وفي الوقت نفسه يقول السكان المحليون في رفح إنهم سيحفرون بأعماق أكبر ، فالأنفاق بالنسبة لهم خط الحياة

الموضوع الأصلي : هل يغير الجدار الفولاذي بين مصر وغزة موازين القوي في المنطقة؟ الكاتب : زهرة المصدر : منتدى شباب كول

التوقيع