عمر في بيت المقدس يقود الراحلة وغلامه راكب عليها وتخر له القساوسة ساجدين
كاتب الموضوع
رسالة
زهرة
~¤ô¦§¦ ادارة المنتدى ¦§¦ô¤~
الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: عمر في بيت المقدس يقود الراحلة وغلامه راكب عليها وتخر له القساوسة ساجدين الأحد سبتمبر 25, 2011 9:45 am
الحلقة الرابعة
عمر في بيت المقدس يقود الراحلة وغلامه راكب عليها وتخر له القساوسة ساجدين
تلقى عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضى الله عنه خطابا من أبي عبيدة عامر بن الجراح قائد الجيش قال فيها: "يا أمير المؤمنين إن أهل بيت المقدس قد طلبوا الصلح مشترطين أن يتولى خليفة المسلمين ذلك بنفسه وإنا يا أمير المؤمنين حاصرناهم بجيشنا فأطل علينا من فوق أسوار المدينة المقدسة البطريرك صفروينوس وقال إنا نريد أن نسلم لكم المدينة لكن بشرط أن يكون التسليم لأميركم فتقدمت منه وقلت أنا أمير الجيش فقال إنما نريد أمير المؤمنين".. ، فخرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه من المدينة المنورة قاصداً بيت المقدس ورافق عمر غلامه وليس عنده إلا بعير واحد، ولم يخرج معه حرس جمهوري أو ملكي ، ولم يرافقه حاشيته وخدمه وعبيده، وإنما غلامه وراحلته ولما صار خارج المدينة المنورة قال عمر لغلامه: "نحن إثنان وليس عندنا إلا راحلة واحدة فإن ركبتُ أنا ومشيتَ أنت ظلمتك وإن ركبتَ أنت ومشيتُ أنا ظلمتني وإن ركبنا نحن الإثنين قصمنا ظهر البعير، فلنقسم الطريق مثالثة (يعني ثلاث مراحل) أنا أركب مرحلة وأنزل وتركب أنت مرحلة و نمشي أنا وأنت ونترك البعير يستريح مرحلة"، فكان عمر يركب فيقرأ سورة ياسين ثم ينزل ثم يركب الغلام فيقرأ سورة ياسين وينزل ويمشي عمر والغلام فيقرآن ياسين والدابة مستريحة، وهكذا استمر يُقسم الطريق مثالثة من المدينة المنورة عاصمة الدولة الإسلامية حتى وصل جبلاً مشرفاً على القدس فكبر عمر وهو على ظهر الراحلة "وعند وصول عمر تخوم القدس قال عمر للغلام: تعال اركب الآن دورك" فقال الغلام: "يا أمير المؤمنين لا تنزل انظر إلى المدينة انظر إلى الخيول المسرجة وإلى العربات المذهبة فإذا دخلنا المدينة أنا أركب وأمير المؤمنين يمشي ويقود بي الراحلة سخروا منا وقد يتراجعوا عن استسلامهم وتسليم المدينة المقدسة" ... فقال أمير المؤمنين عمر: " دورك يا غلام لو كان الدور دوري ما نزلت أما والدور لك لأنزلن ولتركبن"، ونزل و ركب الغلام وأخذ عمر بمقود البعير يجره ولما وصل عمر سور مدينة القدس وجد قساوسة نصارى المدينة في استقباله خارج باب سور المدينة ويسمى باب دمشق وعلى رأسهم البطريرك صفرو ينوس الذي خرج معه النصارى لاستقباله في أبهة عظيمة لتسليم مفاتيح بيت المقدس، وخرجت النساء على أسقف المنازل وعلى أسطحة البيوت، وخرج الأطفال في الطرق والسكك.
وأما جيوش المسلمين هناك وقوادها الأربعة فخرجوا في عرض عسكري رائع ما سمعت الدنيا بمثله. فما هو موكبه الذي أتى به ليأخذ مفاتيح بيت المقدس فيه؟ لا موكب ولا حرس جمهوري، ولا حشم ولا حرس ثوري! ظن الناس أنه سوف يأتي في كبار الصحابة، وفي كبار الأنصار والمهاجرين من الصالحين والعلماء، ومن النجوم والنبلاء، لكنه أتى بجمل واحد ومعه خادمه، فمرة عمر يقود الجمل والخادم يركب، ومرة عمر يركب والخادم يقود!
وعندما أشرف على بيت المقدس قال الأمراء المسلمون: من هذا؟ لعله بشير يبشر بقدوم أمير المؤمنين. فاقتربوا منه فإذا هو عمر بن الخطاب ! وقد أتت نوبته، وإذا هو يقود البعير وخادمه على البعير. فقال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين الناس في انتظارك والدنيا خرجت لاستقبالك، والناس يسمعون بك وأتيت في هذا الزي؟
فقال عمر قولته الشهيرة التي حفظها الدهر ووعتها الدنيا وهو يلوح بدرته صوب عمرو بن العاص: [نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله].
ولما اقترب النصارى من عمر، ورأوا عمر يقود الراحلة وغلامه يركب زادت مهابة عمر وزاد إجلاله، فخروا لعمر ساجدين فأشاح عليهم الغلام بالعصا وقال ويحكم ارفعوا رؤوسكم فإنه لايجوز السجود إلا لله وأقبل البطريرك صفرو ينوس على عمر يبكي ويقول أيقنتُ أن دولتكم على مرِّ الدهر والزمان باقية لا تزول..
يا من يرى عمراً تكسوه بردته = والزيت أدم له والكوخ مأواه يهتز كسرى على كرسيه فرقاً = من خوفه وملوك الروم تخشاه
الحلقة الخامسة
الفاروق يرغب في ضيافة أبي عبيدة وأبوعبيدة لا يريد أن يُضَيِّفَ الفاروق!!
أمين هذه الأمة أبوعبيدة عامر بن الجراح كان في أرض الشام يقود الجيوش، ومعه خالد بن الوليد سيف الله المسلول، وأرض الشام كانت أرض خير وبركة وعطاء، وعندما زار الفاروق أرض الشام لم يرغب أبو عبيدة أن يستضيف الفاروق إلى قصره ومنزله العامر، وقد أتى عمر من المدينة وله حق الضيافة وواجب الكرم، لاسيما أن الفاروق سأل عن أبي عبيدة أول ما نزل قائلا: أين أخي أبو عبيدة؟!! فكان الفاروق يحبه حبا جما، وما فرغ من كلامه حتى أقبل أبوعبيدة يعانق الفاروق وقد تغير بهما العمر، ورأى عمر من رداء أبي عبيدة ومن هيئته ما يثير التساؤل!!.. ولما سكت أبو عبيدة عن استضافة الفاروق إلى داره!!، لم يسكت الفاروق فهو يحب أن يزور بيوت ولاته كي يرى حالهم عن قرب ثم يحكم لهم أو عليهم!! فكانت وجهته الأولى نحو دار أبي عبيدة ليرى قصره المشيد، ويرى كيف يبعثر الأموال ويأكل أطايب الطعام ويكتسي بفاخر اللباس بعد أن صار الوالي على ديار الشام، فقال له الفاروق: اذهب بنا إلى منزلك! قال أبو عبيدة!: وما تصنع عندي؟ ما تريد إلا أن تعصر عينيك عليّ؟! ولماذا يعصر عمر عينيه عليك يا أبا عبيدة؟! أين الكرم يا أباعبيدة؟! هل هو البخل؟ أم مخافة المحاسبة ومهابة درة الفاروق؟ رضخ أبو عبيدة لاستضافة الفاروق!! فلما دخل الفاروق منزل أبي عبيدة المتواضع لم ير شيئاً ذا قيمة!، ثم قال لأبي عبيدة!: أين متاعك؟ لا أرى إلا لَبَداً وصحفة وشناً وأنت أمير، أعندك طعام؟! فقام أبو عبيدة إلى جونة، فأخذ منها كسيرات!!
هؤلاء الصحابة الرجال الذين قبلوا الأمور العظام، وآمنوا بالرسول وصدقوه، وسمعوا له وأطاعوه، كيف يتهمهم السبأيون بأنهم ارتدوا على أعقباهم من أجل كرسي دنيوي مآله إلى زوال؟! كيف يطمعون في الكرسي والمنصب والجاه ثم لا تجد في بيت أبي عبيدة ومن قبله أبي بكر وعمر إلا الفقر والجوع؟!!
أهذا هو الطمع الذي أدى بهم إلى الردة والإنتكاس؟ كيف نصرهم الله لنشر دينه وإقامة حكم الله على الأرض على منهاج النبوة؟
لقد ولى الفاروق أخاه وصهره علي بن أبي طالب رضي الله عنه على المدينة وعلى المسلمين بعده، فلماذا لم يقم الكرار الشجاع بانقلاب عسكري وينتصر للوصية والإمامة المزعومة وقد صار الأمر إليه؟ ولماذا لم يرسل علي بن أبي طالب من الهاشميين بضعة فرسان للحاق بعمر وغلامه خارج المدينة لقتلهما وإعلان حكومة الوصية المزعومة؟!!
سحقا لعقول لا تفكر ولا تبحث عن الحق ثم تتبعه!! قال الفاروق لأبي عبيدة!: أين متاعك؟ لا أرى إلا لَبَداً وصحفة وشناً وأنت أمير! أعندك طعام؟! فقام أبو عبيدة إلى جونة، فأخذ منها كسيرات!! نظر عمر إلى أبي عبيدة نظرة إكبار وإجلال وحزن على حال أبي عبيدة، ثم بكى عمر، فقال له أبو عبيدة بصوت أجش: قد قلت لك يا أمير المؤمنين إنك ستعصر عينيك عليّ!، يا أمير المؤمنين يكفيك ما يُبلغُك المقيل!! وكأن أبا عبيدة يقول: (لأجل ما رأيتَ يا أمير المؤمنين لم أرغب في استضافتك لأنه ليس عندي شيء!!)، قال عمر: غيَّرتنا الدنيا كلّنا غيرك يا أبا عبيدة، فبكى عمر وبكى معه أبو عبيدة رضي الله عنهما، وعلق الذهبي على هذه الحادثة فقال: وهذا والله هو الزهد الخالص لا زهد من كان فقيراً معدماً!!
هذه هي عظمة الفاروق، فقد كان عظيماً بإيمانه، عظيما بإسلامه، عظيماً بعلمه، عظيماً بفكره، عظيماً ببيانه، عظيماً بخلقه ، عظيما في قوته، عظيما في رحمته، فقد جمع الفاروق العظمة من أطرافها وكانت عظمته مستمدة من فهمه وتطبيقه للإسلام وصلته العظيمة بالله واتباعه لهدي الرسول الكريم ، ومن بعده صاحبه خليفة رسول الله أبي بكر الصديق رضي الله عنه...
إن جاع في شدة قومٌ شركتهم = في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها جوع الخليفة و الدنيا بقبضته = في الزهد منزلة سبحان موليها فمن يباري أبا حفص و سيرته = أو من يحاول للفاروق تشبيها