الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: مشفى طواريء متنقل للولادة بقيادة الفاروق الأحد سبتمبر 25, 2011 9:46 am
الحلقة السادسة
مشفى طواريء متنقل للولادة بقيادة الفاروق
وزع الفاروق مهام الحكم الإسلامي على أهل الإختصاص، ومن هذه المهام مهمة العسس في الليل لتفقد أحوال الرعية، لكن الفاروق كان يتفقد سير العمليات بنفسه ليطمئن على أحوال المسلمين، وفي ليلة من الليالي رأى الفاروق خيمة فاقترب منها فإذا هو بإعرابي جالس بفناء خيمة له، فجلس إليه عمرُ يحدثه ويسأله ليعرف حاله، فقال له: ما أقدمك هذه البلاد? فبينما هو كذلك إذ سمع أنيناً من الخيمة فقال الفاروق: من هذا الذي أسمع أنينه? فقال الإعرابي للفاروق: أمر ليس من شأنك، امرأة في حالة مخاض تريد الولادة، فتركه عمر حالا، ولم يغضب لقول الإعرابي الذي لم يعرف أن السائل هو عمر، فرجع عمر إلى منزله ونادى زوجه (زوجته) أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب (ابنة فاطمة الزهراء) وقال:
يا أم كلثوم، شدي عليك ثيابك واتبعيني، ثم انطلق الفاروق وأم كلثوم حتى وصلا خيمة الأعرابي، فقال له الفاروق: هل لك أن تأذن لهذه المرأة (يقصد زوجه ام كلثوم) أن تدخل عليها فتؤنسها، فأذن لها الإعرابي، فدخلت أم كلثوم لتوليد المرأة ومساعدتها وتطبيبها، فلم يلبث أن نادت أم كلثوم زوجها الفاروق فرحة مسرورة بنجاح عملية التوليد وقالت: يا أمير المؤمنين بشر صاحبك بغلام، فلما سمع الإعرابي قول أم كلثوم يا أمير المؤمنين وثب من حينه إلى الفاروق فجلس بين يديه خجِلا وجعل يعتذر إليه، فقال له الفاروق:
لا عليك!! إذا أصبحت فائتنا، فلما أصبح الإعرابي ذهب إلى أمير المؤمنين، ففرض لابنه معاشا وأعطاه حاجته وحاجة امرأته التي ولدت الغلام..
عدل في المعاملة، ورحمة بالرعية، وشعور بالمسؤولية، وحِلمٌ يمنع الفاروق من الغضب لنفسه، هكذا كان وآل بيته، وهكذا كانت زوجه أم كلثوم التي هي سليلة بيت النبوة، وتربية أمها الزهراء وأبيها الكرار..
رضي الله عنهم أجمعين
..
الحلقة السابعة
خليفة المسلمين الفاروق خادمٌ وطباخٌ
الفاروق كتابٌ أبوابه كبيرة، وأبوابه فصولٌ كثيرة ، مختصره إسلامٌ يتحرك، وخلاصته دينٌ يُطبّق، عدلٌ بين الرعية، وعدلٌ مع أهل الذمة، قويٌ مع الأقوياء وعلية القوم، ورحيمٌ بالضعفاء والمساكين والمستضعفين في الأرض، لذلك كان الفاروق أول من قام بمهمة العسس في الليل وأمر بها لبسط الأمن وتفقد أحوال الناس ومعرفة احتياجاتهم..
يروي زيد بن أسلم عن أبيه قال: خرجت مع عمر بن الخطاب رحمه الله إلى حرة واقم، حتى إذا كنا بصرار إذا نار تؤرث، فقال: يا أسلم، إني أرى هؤلاء ركباً قصر بهم الليل والبرد، انطلق بنا، فخرجنا نهرول حتى دنونا منهم، فإذا امرأة معها صبيان لها وقدر منصوبة إلى النار وصبيانها يتضاغون بالبكاء، فقال عمر: السلام عليكم يا أصحاب الضوء وكره أن يقول: يا أصحاب النار، قالت: وعليك السلام، قال: أأدنوا؟ قالت: ادن بخير أو دع، فدنا ثم قال: ما بالكم؟ قالت: قصر بنا الليل والبرد، قال: فما بال هؤلاء الصبية يتضاغون بالبكاء؟ قالت: الجوع، قال: وأي شيء في هذا القدر؟ قالت: ماء أسكتهم به حتى يناموا، الله بيننا وبين عمر! قال: أي رحمك الله، ما يدري عمر بكم! قالت: يتولى أمرنا ويغفل عنا! فأقبل علي، فقال: انطلق بنا، فخرجنا نهرول، حتى أتينا دار الدقيق، فأخرج عدلاً فيه كبة شحم، فقال: أحمله علي، فقلت: أنا أحمله عنك، قال: احمله علي، مرتين أو ثلاثاً كل ذلك أقول: أنا أحمله عنك، فقال لي في آخر ذلك: أنت تحمل عني وزري يوم القيامة؟، لا أم لك! فحملته عليه، فانطلق وانطلقت معه نهرول، حتى انتهينا إليها، فألقى ذلك عندها، وأخرج من الدقيق شيئاً فجعل يقول لها: ذري علي، وأنا أحرك لك، وجعل ينفخ تحت القدر وكان ذا لحية عظيمة فجعلت أنظر إلى الدخان من خلل لحيته حتى أنضج وأدم القدر ثم أنزلها
و من رآه أمام القدر منبطحا = و النار تأخذ منه و هو يذكيها و قد تخلل في أثناء لحيته = منها الدخان و فوه غاب في فيها رأى هناك أمير المؤمنين على = حال تروع لعمر الله رائيها يستقبل النار خوف النار في غده = و العين من خشيةٍ سالت مآقيها
منقحة بعد مراجعة مناقب الفاروق لابن الجوزي بزيادات مهمة
الحلقة السادسة
مشفى طواريء متنقل للولادة بقيادة الفاروق
وزع الفاروق مهام الحكم الإسلامي على أهل الإختصاص، ومن هذه المهام مهمة العسس في الليل لتفقد أحوال الرعية، لكن الفاروق كان يتفقد سير العمليات بنفسه ليطمئن على أحوال المسلمين، وفي ليلة من الليالي ، بينما عمر يعس المدينة إذ مر برحبة من رحابها، فإذا هو ببيت من شعر لم يكن بالأمس، فدنا منه فسمع أنين امرأة ينبعث من داخل الخيمة ، ورأى رجلا قاعدا ، فاقترب منه وسلم عليه ، وسأله : من الرجل؟ قال : رجل من أهل البادية جئت إلى أمير المؤمنين أصيب من فضله، فقال عمر رضي الله عنه : ما هذا الصوت الذي أسمعه في البيت؟ فقال الإعرابي للفاروق: أمر ليس من شأنك، انطلق يا هذا رحمك الله لحاجتك، فقال عمر رضي الله عنه : عليّ ذاك ما هو؟ فقال الإعرابي: امرأة تمخض، (في حالة مخاض تريد الولادة)، فقال عمر: هل عندها أحد؟ قال: لا، فتركه عمر حالا، ولم يغضب لقول الأعرابي الذي لم يعرف أن السائل هو عمر، فرجع عمر إلى منزله ونادى زوجه (زوجته) أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب (ابنة فاطمة الزهراء) وقال:
يا أم كلثوم، هل لك في أجر ساقه الله إليك؟ قالت: وما هو؟ قال : امرأة غريبة تمخض ، وليس عندها أحد، فقالت : نعم ، إن شئت يا أمير المؤمنين، فقال: خذي معك ما يصلح المرأة لولادتها من الخرق والدهن، وجيئيني ببرمة (أي:قدر) وشحم وحبوب . فجاءت به فقال لها : انطلقي، وحمل الفاروق البرمة ومشت معه حتى انتهى إلى البيت فقال لها ادخلي إلى المرأة، فدخلت أم كلثوم لتوليد المرأة ومساعدتها وتطبيبها وجاء حتى قعد إلى الرجل فقال له:
أوقد لي نارا ففعل، فأوقد تحت البرمة حتى أنضجها وولدت المرأة فقالت أم كلثوم وهي فرحة مسرورة: يا أمير المؤمنين بشر صاحبك بغلام، فلما سمع الأعرابي قول أم كلثوم يا أمير المؤمنين كأنه هابه، فجعل يتنحى عنه فقال له الفاروق: مكانك كما أنت، فحمل البرمة فوضعها على الباب ثم قال لزوجه أم كلثوم: أشبعيها، ففعلت أم كلثوم، ثم أخرجت البرمة فوضعتها على الباب، فقام عمر رضي الله عنه فأخذها فوضعها بين يدي الأعرابي، فوثب إلى الفاروق فجلس بين يديه خجِلا وجعل يعتذر إليه، فقال له الفاروق:
لا عليك!! كل ويحك فإنك قد سهرت من الليل، ففعل وهو لم يصدق أن الفاروق هو الذي أمامه، وأن المرأة التي ولـَّدَتْ زوجتَه هي أم كلثوم بنت الزهراء رضي الله عنهم، فأكل الرجل حتى شبع، ثم قال الفاروق لامرأته أم كلثوم: اخرجي، وقال للرجل: إذا كان غدا فأتنا نأمر لك بما يصلحك، فلما أصبح الإعرابي ذهب إلى أمير المؤمنين، ففرض لابنه معاشا (أسوة بمن يولد من أطفال المسلمين)، وأعطاه حاجته وحاجة امرأته التي ولدت الغلام..
عدل في المعاملة، ورحمة بالرعية، وشعور بالمسؤولية، وحِلمٌ يمنع الفاروق من الغضب لنفسه، هكذا كان وآل بيته، وهكذا كانت زوجه أم كلثوم التي هي سليلة بيت النبوة، وتربية أمها الزهراء وأبيها الكرار..