الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: عام على هروب «بن على»: الفرحة لم تكتمل بعد السبت يناير 14, 2012 7:15 am
عام على هروب «بن على»: الفرحة لم تكتمل بعد
١٤/ ١/ ٢٠١٢
«أ. ف. ب» صورة أرشيفية لمظاهرات تطالب بإسقاط نظام بن على
كانت تونس فى قمة الغليان الشعبى فى مثل هذا اليوم من العام الماضى، الذى انتهى بالإطاحة بالرئيس المخلوع زين العابدين بن على وهروبه إلى السعودية، بعد ٢٨ يوماً من ثورة عارمة انتقلت إلى العديد من البلدان العربية لتطيح بـ٤ رؤساء حتى الآن ومازالت مستمرة، وتواجه تونس مهد «الربيع العربى» تحديات عديدة سياسية واقتصادية واجتماعية بعد عقود من القمع، ويشعر التونسيون فى الذكرى الأولى للثورة بالمرارة والخوف بسبب استمرار تردى الوضع الأمنى وتفاقم أزمات البطالة والاقتصاد وتجاهل ضحايا الثورة.
وتحيى تونس اليوم مرور عام على هروب بن على ونجاح «ثورة الياسمين» التى طوت عقوداً من حكم الديكتاتورية، ورغم أن البلاد نجحت فى تثبيت أقدامها على سلم التحول الديمقراطى بعد إجراء انتخابات المجلس التأسيسى لوضع الدستور الدائم وتشكيل حكومة سيطر عليها حزب النهضة الإسلامى المعتدل، وتعيين رئيس مؤقت من اليسار بالتزامن مع مواصلة محاكمة «بن على» وكبار مساعديه بتهمة قتل شهداء الثورة والفساد المالى، لكن البلاد تواجه تحديات عام بعد هذه الثورة العارمة، فالأوضاع الاقتصادية متردية واليأس يعم البلاد، مما يعقّد مهمة الحكام الجدد، وبات الشعور بالخيبة لسان حال غالبية التونسيين ويؤكدون «بعد مرور عام على الثورة: لا شىء تغير، فى السابق كنا نتمتع بالأمن على الأقل».
وتعانى البلاد حالة من الانفلات الأمنى، ولا يتقاضى فرد الأمن سوى ٦٠٠ دينار تونسى، ولاتزال قيادات الشرطة والداخلية بفكرها القمعى تهيمن على الوزارة التى كبتت المواطنين لعقود.وتستمر ثورة إصلاح الجهاز الأمنى فتظاهر مئات التونسيين، من بينهم رجال أمن منذ ٣ أيام فى العاصمة، للمطالبة بإقالة مسؤول أمنى كبير و«تطهير» الوزارة من «العناصر الفاسدة».
وأكثر الفئات شعوراً بالمرارة هم ضحايا ومصابو الثورة وأسرهم، البالغ عددهم ٣٠٠ شهيد و٧٠٠ جريح، ورغم أن الحكومة صرفت ٢٠ ألف دينار لكل أسرة شهيد و٣ آلاف دينار لكل مصاب وتعتزم صرف الدفعة الثانية لأسر الشهداء وتوفير العلاج والنقل المجانى للجرحى، لكن العديد منهم يشعر بأنهم «متسولون» ويرفضون الاحتفال بالثورة ما لم يحصلوا على حقوقهم، وعبّر بعضهم عن غضبه وندمه على مشاركته فى الثورة، وأكدوا أنهم لن يسامحوا «بن على» مؤكدين أن «١٤يناير لا يمكن إلا أن يكون يوم حزن وألم».
وتقول شبكة «يورو نيوز»: «لا الأمن عاد ولا الشغل زاد ولا الأحلام تحققت، بل يأس على يأس.. هكذا يقول كثير من التونسيين الذين بات تحقيق أهداف الثورة بالنسبة لهم كمن يطارد خيط (دخان)، فالشبان الذين شكلوا وقود الثورة، وتحدوا الجهاز الأمنى وأجبروا (بن على) على الرحيل رافعين مطالب اجتماعية وسياسية، باتوا يشعرون بخيبة أمل ويشتكون من أن صفوة المجتمع هم من يجنون ثمار ثورة أشعلها العاطلون والمهمشون، وبلغ عدد العاطلين ٨٠٠ ألف، وارتفعت البطالة من ١٣.٣% إلى ١٨.٣%، وتجد تونس نفسها أمام مأزق اقتصادى كبير، وتعانى خللا فى ميزانياتها وارتفاع أسعار السلع، وتوقف عجلة الإنتاج بسبب إغلاق مئات المصانع، وتراجعت السياحة وعدد المستثمرين، ولم يجرؤ رجال الأعمال الأجانب على الاستثمار بشكل واسع، وأصيب الاقتصاد التونسى بالركود بسبب كثرة الإضرابات ومطالبة العمال بالحقوق، ودعا الرئيس منصف المرزوقى مواطنيه إلى منح بلادهم فترة للتعافى، من أجل إدارة (تسونامى المشاكل) التى تواجهها البلاد، مبرراً تحالفه مع حزب النهضة بالرغبة فى تفادى المواجهة بين العلمانيين والإسلاميين المعتدلين».
وبعد وصول الإسلاميين للحكم قدموا تطمينات لاحترام الحريات وحقوق المرأة وعدم فرض الحجاب أو منع الخمور، بينما لم يعد الحجاب يمثل أى مشكلة، وانتشر النقاب وطالت اللحى، وبدأ السلفيون جس نبض الشارع لفرض وصايتهم بملاحقة غير المحجبات والاعتداء على بعض الفنانين والمفكرين العلمانيين. ولاتزال تونس تعانى من عدم الشفافية فى طرح المشاكل الحقيقية، وتحميل النظام السابق السلبيات، ولايزال الفساد والرشوة متفشيين فى مؤسسات الدولة.
وتتواصل ظاهرة الاستقطاب الأيديولوجى والدينى بعد الهزيمة الكبيرة التى منيت بها الأحزاب اليسارية والقومية أمام صعود حلفاء الحكم «النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطى من أجل العمل والحريات»، وبلغ عدد الأحزاب ١١٤، ويتجه أغلبها نحو التفكك والانحلال، لفقدانها القاعدة الشعبية، وأعلنت ٣ أحزاب من بينها الحزب الديمقراطى التقدمى انصهارها فى حزب موحد لتوحيد الصفوف خلال الانتخابات المقبلة،
ولاتزال تونس تشهد حالة من الانفلات الإعلامى، وبها ١٠ صحف يومية، وأكثر من ٦٠ أسبوعية، أما الإعلام المرئى والمسموع فتحول من تلميع النظام إلى التمرد عليه، مما أثار انتقادات الإسلاميين الذين يرون أن الإعلام يهدف إلى إفشال مشروعهم، لكن ما أثار مخاوف التونسيين من عودة القمع الإعلامى إقدام رئيس الوزراء حمادى الجبالى على تعيين بعض فلول «بن على» فى مناصب قيادية إعلامية.