وتركنا رامي ولمى ... وأخذ كل واحد منا طريقه في اتجاه ... ( يا هلا ... وكيف الحال ... وكيف هي أم العيال )
كلمات بسيطة تنبع من القلب ... تزيد الترابط بين الأصدقاء ... ضحكات هنا و قفشات هناك ... والسعادة تغمر كل الأجواء ...
تركت الجميع باستئذان ... وذهبت لأشعل سجارة دخان ...
اتخذت من ذلك الركن الركين مكان ... أرى من خلاله الجميع ... وبنفس الوقت لا أسبب ضيقا لأي إنسان ...
وقبل أن أشعل عود الثقاب ... أرتعش جسدي ليد ملساء ... حجبت نظر العين والعقل معا ...
أمسك بها لأرى من هذا المزعج الدخيل ... القافز على خلوتي ... اللذي حرمني نفث هذا الدخان الكريه ...
... ورأيتها أمامي ...
ودار بيننا هذا الحديث :-
هي : و أخيرا رأيتك بعد طول سنين ...
هو : ( لا تعليق )
هي : مابك ... تكلم ... لم أنت صامت ثقيل ...
هو : لاشيء ... لكني فوجئت بك ...
هي : طبعا ... فأنت لم تعد تعرفني ... ولم تسأل يوما عني ... تركتني ... بمجرد شعور بسيط ... بغيرة أعمت عيونك عن الآخرين ...
هو : أرجوكي ... ليس هذا وقت الشكوى وذكريات السنين ...
هي : للأسف لم تفهم بأنها ليست شكوى ... بقدر ماهي لهفة المحبين ...
هو : عن أي حب تتحدثين وأي هراء تتكلمين ... أتسمين تلك السنين حبا في نظر العاشقين ... أم خيانة عظمى لقلبي المسكين ...
هي : أي قلب هذا اللذي تتحدث عنه يا مسكين ... القلب الأناني البغيض ... القلب الساخر العنيد ... القلب الجارح العتيد ... أين هذا القلب عندما تركتني ... وأين ذلك الحب عندما أهنتني ... أتذكر حديثك لي ... وقولك بأن هذا العالم بأجمعه لي ... أتذكر حبك الكبير اللذي مات ... ونبضك الغني الفقير اللذي فات ...
أين سؤالك عني في مرضي ... وكلماتك العذبة اللتي أمطرت بها أذني ... سنين وأنا أقول ... غدا سيعود لي ... سيلتفت باحثا عني ... سيرمي حرمانه علي ... وسأقفا انا شامخة حتى يلين ... لم أنت هكذا قاسي القلب ... متحجر الفكر ...
هو : أعتقد بأن كل شيء مات ودفن منذ أزل بعيد ... لم يعد لكِ مكان هنا بين هذه الأضلع ... فلملمي هذه الدموع واذهبي لبعيد ... فلست انا لك ... ولست أنت الآن لي من جديد ...
هي ( والدموع تغرق جنان مقلتيها ) : آه لو علمت كم هي سعادتي برؤيتك منذ حين ... عندما علمت بأنك أحد المدعويين ... نظرت لأصبعك ... خائفة أن أرى أي خاتم لعين ... وطرت من فرحي لرؤيتهما عاريتين من أي قيد ... آثرت المجيء ... و اروي عطش صحرائي بحبك ... ورميت كل الآلام وقدمت لأجلك ... هل حقا هذا الحب مااااات ... ولم تعد ذاك الشاب اللذي أحببت ... و
هو ( مقاطعا حديثها بحزم ) : الوداع ...
واستدرت تاركا أرض العراك ... لتسمعني من بعيد نحيبا هز اركان الصمود ... انتفض له قلبي المغلف بالعناد ... وتكسرت مجاديف كبريائه على أمواج الدموع ...
ليتها تعلم بأنني لازلت أحبها حبا يفوق الخيال ... حبٌ يطأطئ الرأس ويذل الرجال ... ليتها تعلم بأنها مسكني الوحيد في هذه الحياة ... وبأنها سيدة قلبي و أميرة مملكتي ... ليتها رأت تلك الدموع في عيني ... دموع الضعيف المتهادي الولهان ... المقاتل في الظاهر ... ومن داخله بركان ...
بركان اشتياق و لوعة على ذلك الفراق ...
كم كانت جميلة تلك البسمة اللتي رأيت ... وكم هي رائعة بديعة ... تلك النظرة اللتي احتويت ...
ها هي بذور المحبة اللتي نثرتها شفاتها ... أشعر بها على تلك الوجنات الغارقة في الجفاف ...
أمعقول الآن شعرت بها ... متى نثرتها وتركت هذا الشعور ... و أخيرا تذكرت بأنني من شدة شوقي لها فصلت الأحاسيس ... فنظرة عيني لها أماتت منابت الشعور ... وفصلت الجسد عن اليقين ...
ولازلت أسير بمفردي ... لا أدري أين الذهاب ...
آه لقد نسيت ...
فأنا في حفل بهيج ... حفل أعلن فيه انتصار الحب على الجنون ... وذهاب العروس للعريس ...
أراك على خير يا رامي ... ولن أوصيك به يا لمى ...
كانت تلك آخر جملة نطقها لساني قبل أن اسمح لدمعي بالإنهمار ... و جسدي بالبكاء ينهار ...
كم كنت حقيرا وأنا أكسر تلك النظرات ... وأمزق بلا مبالاة ... شعور الفرحة فوق الشفاة ...
ترددت كثيرا ولكنني قررت ... وبسرعة عدت لتلك الشجرة حيثما قابلت ... وانتظرت علها تأتي من جديد ... ولكن لم أرى لها أثرا ولا بعد حين ...