شهر رمضان : أنواع الناس في رمضان وصايا النبي (ص) لشهر رمضان فضائل رمضان (شهر رمضان : أنواع الناس في رمضان ، وصايا النبي (ص) لشهر رمضان ، فضائل رمضان)
الحمد لله الذي أضل و هدى ، أحاط علمه بجميع مخلوقاته فلا يظهر على غيبه أحدا ، فضل مواسم الطاعات و جعل شهر رمضان أعظمها قدرا و أعذبها منهلا و موردا ، لله در قوم قطعوه بصيام و قيام و باتوا إلى مولاهم ركعا سجدا ، أحمده و كان للحمد أهلا و سيدا و أشهد أن لا إله إلا الله إلها فردا صمدا ، و أشهد أن سيدنا محمد [ صلى الله عليه و سلم ] عبده و رسوله الذي ارتضاه عبدا و اصطفاه نبيا و نصر به الدين .
أيها المسلمون ها نحن إزاء دورة جديدة تدريبية من دورات الفلك ، فبعد أيام معدودات يفد إلينا شهر رمضان بنظامه و أجوائه ، و الناس فيه أنواع :
فمنهم من لا يرى فيه إلا جوعا لا تتحمله أعصاب معدته ، و عطشا لا تقوى عليه مجاري عروقه ، فهو على عازم على الإفطار مستخف من الناس ، متظاهر بالصيام أمام من لا يعرفه ، مجاهر به أمام من لا ينكر عليه ، و هذا يقول فيه [ النبي صلى الله عليه و سلم ] : ( من أفطر يوما في رمضان من غير مرض و لا رخصة لم يقضه صيام الدهر كله و إن صامه ) أخرجه الترمذي ، فما أقبحه من فعل و ما أعظمه من ذنب .
و من الناس من يرى رمضان موسما سنويا للموائد الزاخرة بألوان الطعام و الشراب ، و فرصة جميلة للسمر و اللهو الممتد إلى بزوغ الفجر ، و النوم العميق في النهار حتى غروب الشمس ، فان كان ذا عمل تثاقل عنه ، و إن كان ذا معاملة ساءت معاملته ، و هذا يقول فيه النبي [ صلى الله عليه و سلم ] : ( رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع و العطش ) رواه أحمد في مسنده و ابن ماجة و الدارمي .
و من الناس و هم الأقلون من يرون في رمضان دورة تدريبية لتجديد معان في نفوس الناس من الخلق النبيل و الإيثار الكريم و الصبر الجميل .
إن الذين يفهمون رمضان و يعرفون خواصه و أحداثه يدركون أن رمضان هو رحلة إلهية ميقاتها الشهر كله ، يخلع فيه المؤمن نفسه من حياة مادية مظلمة إلى حياة روحية مضيئة ، يخلع فيها نفسه من هموم الدنيا و أكدارها إلى لذة لا يعرفها ألم ، و سعادة لا يعرفها شقاء . فيبدأ يومه : ( باسمك اللهم صمت ) و يختم نهاره : ( باسمك اللهم أفطرت ) ، و فيما بين الوقتين يقوم لله قانتا يركع مسبحا و يسجد داعيا مرتلا قرآنه حتى مطلع الفجر ، يقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام : ( من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ).
أيها المسلمون إن شهر رمضان مدرسة يتعلم فيها المؤمن أشياء كثيرة أولها التحلل من العادات ، فان للعادات سلطانا على النفوس و هيمنة على القلوب ، و هي تتركز في الإنسان فتصبح كأنها طبيعة من طبائعه لا يستطيع التخلص منها ! عادات في الغذاء و عادات في النوم و في العمل ، و الصوم علاج نافع لكثير من هذه العادات المألوفة و تمرين على التخلص من سلطانها .
و تذكير للانسان بأن هذه العادات ليست أمورا طبيعية لا مناص منها ، و إنما هي أشياء فرضها على نفسه أو فرضتها عليه ظروف و أنه يستطيع إن عزم و صمم أن يتركها و يتخلى عنها ، فإذا اطمئن إلى ذلك في شهر الصوم كسب خلقا جديدا هو خلق العزم الصادق على التخلص من كل ما يضره و لا ينفعه ، فينتقل من محاربة هذه العادات المتصلة بحياته في طعامه و شرابه إلى محاربة عادات متصلة بحياته و أمته ، عادات ضارة كالليالي الساهرة و العلاقات الخبيثة و الإدمان على الشراب ، أو الشهوات ....
مازال للحديث بقية فكونوا بالقرب سنتحدث لاحقا عن الصائم المحتسب و عن آثار الصوم و عن الفضائل العظيمة لشهر رمضان كما سنتطرق لوصايا الرسول [عليه أفضل الصلاة و السلام] لصحابته الكرام و لكافة المسلمين حول شهر رمضان المبارك