فى اليوم السادس للمظاهرات ضد محافظ قنا: المحتجون ينصبون الخيام.. وبعضهم يعلن استعداده للاستشهاد
كتب سامى عبدالراضى ومحمد حمدى ومحمد السمكورى ٢٠/ ٤/ ٢٠١١
واصل المئات من أبناء محافظة قنا مظاهراتهم لليوم السادس على التوالى، احتجاجاً على تعيين اللواء عماد شحاتة ميخائيل محافظا لقنا، وارتفع الهتاف فى أماكن متفرقة بشوارع المدينة، تركزت أمام مبنى المحافظة، حيث توقفت الحركة تماما أمام الميدان الذى يتوسط شارع التحرير.
وتمركزت قوات من الجيش أمام مبنى ديوان المحافظة، خاصة عند الباب الرئيسى، على بعد خطوات من المتظاهرين، الذين حملوا مكبرات صوت تحدثوا خلالها إلى المترددين على المكان، ووجهوا حديثهم إلى القادمين من القاهرة لمتابعة احتجاجاتهم، قائلين: «يا أهل كايرو، نحن فى مدينة قنا قدمنا ٥ شهداء لثورة يناير، ومستعدين لتقديم المئات فداء لقنا». فى تلك الأثناء لا يتوقف هتاف المتظاهرين: «مش عايزينه.. مش عايزينه.. لازم يرحل.. عايزينه مسلم». وبعد لحظات يتحول الهتاف إلى نوع من النشيد الغنائى، يهتف خلاله المتظاهرون: «على الصوت.. أنا من سوهاج مش سامعكم.. على الصوت.. وصلنا أسيوط.. على شوية أنا فى المنيا.. وصلنا بنى سويف والجو لطيف.. وصلنا الجيزة والصوت ببريزة.. ووصلنا مصر بعد العصر»، وتلى ذلك تصفيق حاد وتحية لمن يتحدث فى الميكروفون.
تنوعت هوية المتحدثين، شباب وموظفون وشيوخ ومواطنون بسطاء من أبناء المحافظة بزيهم المعهود «جلباب وطاقية وشال».
يتحدث أحدهم بهدوء، وتصل رسالته إلى الجميع، ومفادها أن الدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء، أخطأ فى الاختيار، وأنه كان من المفترض ألا يأتى بمحافظ برتبة لواء ومسيحى أيضا لمحافظة قنا. وقال: «الاعتراض على كون المحافظ مسيحيا ليس بشكل مبدأى، ولكن كل ما نريده هو ألا يتم اعتبار الأمر تقليدا أو قاعدة بأن يحكم المحافظة محافظ مسيحى فقط». تلقى الكلمة إعجابا شديدا من الجميع ويصفقون للرجل الذى نزل عن «المنصة».
صوت آخر يظهر خلف الميكروفون: «يا إخوانا الإعلاميين، وخاصة بتوع القنوات الفضائية، أهلا بكم.. لكن تعلمون أن حرارة الجو فى قنا مرتفعة، وأعداد المتظاهرين الآن قليلة جدا مقارنة بالأعداد التى تتواجد مساء كل يوم، ومن غير زعل ما حدش يصورنا غير بالليل، حتى تصل الصورة كاملة وواضحة للمسؤولين».
على بعد ٢ كيلو من مبنى المحافظة، يقع مزلقان «سيدى عبدالرحيم القناوى»، ولا يختلف الوضع كثيرا، فهناك منصة أخرى وميكروفون آخر ومتحدثون بلباقة وحماس وقوة، فيقول شاب فى الثلاثينيات: «احنا مش نسوان يا أهل كايرو، احنا رجالة وضحينا بخمسة من ولادنا فى مظاهرات ثورة يناير، ومستعدين نضحى بناس تانية كتير، احنا بعاد عندكم، لكن حقنا مش هيضيع، وصوتنا هيوصل، احنا رجالة، ولو وصلت لقطع رقاب احنا مستعدين، المحافظ ده مش هيدخل بلدنا خالص، مش هيدخل». يعلو التصفيق، ولا تتوقف الهواتف المحمولة عن التصوير.
المكان يختلف عن المنطقة التى أمام المحافظة، حيث تم نصب خيمة كبيرة على قضبان السكة الحديد فى رسالة واضحة: «لن نتحرك من هنا حتى يصدر قرار بإلغاء تكليف المحافظ الجديد، واختيار محافظ آخر نزولاً لرغبة أهالى قنا».
ويمكن للمتجول فى شوارع قنا أن يلاحظ عددا غير قليل من اللافتات المعلقة على أسوار البنايات الحكومية، مكتوبا عليها عبارات مثل: «يا مشير.. يا مشير.. مش عايزين ميخائيل من غير تفكير»، و«إسلامية.. إسلامية رغم أنف الداخلية»، و«ارحل يا ميخائيل» و«الشعب يريد إسقاط ميخائيل».
ولا تبدو الحياة متوقفة بالكامل فى مدينة قنا، وإنما تكاد تكون شبه عادية، على الأقل نهارا، فبعض المصالح الحكومية تستقبل العاملين والأهالى، بينما فضل موظفو بعض المصالح الأخرى ترك العمل للمشاركة فى المظاهرات، وأغلقت بعض المدارس أبوابها بعد أن امتنع الأهالى عن إرسال أبنائهم، خوفا من اندلاع أحداث شغب أو فتنة بسبب الوقفات الاحتجاجية.
وانتشرت أنباء أثناء مثول الجريدة للطبع عن عزم اللواء عماد شحاتة ميخائيل، محافظ قنا، تقديم استقالته من منصبه خلال ساعات، لوضع حد لموجة الاحتجاجات التى سادت المحافظة اعتراضا على تعيينه.
واستمر توقف حركة القطارات وقطع طريقى «قنا- أسون» و«قنا- سفاجا» السريع وإغلاق المنافذ الرئيسية بمداخل ومخارج مدينة قنا، مع تواصل الآلاف من المواطنين اعتصامهم، رغم لقاء اللواء محسن النعمانى، وزير التنمية المحلية، واللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، مع عدد من المعتصمين داخل قطاع قنا العسكرى، أمس، انتهى بوعد من الوزيرين بعرض مطلب المتظاهرين على المجلس العسكرى، وهو تعيين محافظ مسلم بديل.
وهدد المعتصمون بتنفيذ تهديداتهم، التى تتمثل فى قطع المياه عن محافظة البحر الأحمر من خلال المحطات التى تغذيها فى قنا، بالإضافة إلى قطع الكهرباء عن المصانع الحيوية والرئيسية بالمحافظة.
من جانبه، أكد اللواء محسن النعمانى، وزير التنمية المحلية، أنه يجرى حاليا إعداد قانون جديد للمحليات خاص بتطبيق اللامركزية بالقرى والمراكز والمحافظات ونقل السلطات فى هذه المستويات إلى الشعب، وزيادة المخصصات المالية للقرى والمراكز والمدن لتنفيذ المشروعات، مع شىء من التدريج فى تقليل المركزية.
وقال النعمانى - خلال اللقاء الذى عقده مع عدد من المعتصمين بحضور اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، واللواء محسن الشاذلى، رئيس المنطقة العسكرية الجنوبية بقنا، وما يقرب من ١٥٠ مواطناً - إن أبناء قنا فهموا القرار بطريقة خاطئة، فى وقت يسيطر فيه الشك لما تعرض له الشعب من نهب وسلب.
وتوقع اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، أن يكون القرار فى صالح أبناء قنا، مؤكدا أن المجلس العسكرى سيتخذ القرار الصحيح عقب نقل مطالب المواطنين إليه، ودعا إلى فتح صفحة جديدة بين المواطنين والشرطة.
وعقب اللقاء، تجمهر ما يقرب من ١٠ آلاف شخص أمام ديوان عام المحافظة لمتابعة نتائج اللقاء.
«المصرى اليوم» التقت مع المعتصمين لمعرفة وجهات نظرهم حول تطورات الاعتصام ومبادرة وزيرى التنمية المحلية والداخلية إلى عقد لقاء مع ممثلى المعتصمين، لبحث مطالبهم والعمل على التوصل إلى حل يرضى الطرفين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]