الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: أزمات إسرائيل الحالية تجعل السلام أكثر إلحاحا السبت سبتمبر 24, 2011 2:46 am
جون هيوز
كرستيان سينس مونيتور
تواجه إسرائيل مشكلة من جميع الجهات -في مصر، وسورية، ومن إيران، ومن دفع الفلسطينيين في الأمم المتحدة لإقامة دولة. وتجعل هذه التحديات من أمر التوصل إلى اتفاق سلام على أساس حل الدولتين أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. وإذا كانت الاضطرابات الدرامية التي تحدث في جميع أنحاء العالم العربي ستسفر عن نتيجة بناءة، فإن من ضروراتها الملحة التوصل إلى السلام بين العرب والإسرائيليين. ويبدو العالم الآن وأنه يواجه أزمة حول هذه المسألة بالذات.
والخَيار واضح: إما الغرق مجدداً في مستنقع العداء والعنف غير المنطقيين نفسهما، واللذين أفسدا العلاقة بين العرب وإسرائيل طوال عقود، أو التوصل إلى اتفاق لتطبيق حل دولتين، والذي يوفر الأمن لإسرائيل، ويمنح للفلسطينيين وطناً ذا سيادة.
ولا تبدو الآفاق عظيمة ومبشرة. فبينما تتصارع الدول العربية واحدة تلو الأخرى مع مرحلة الخروج من الديكتاتورية إلى الحرية، تواجه إسرائيل؛ البلد الذي يُعد الأكثر ديمقراطية في المنطقة، سلسلة من التطورات التي لا تحسد عليها:
1. تشهد مصر ما بعد حسني مبارك موجة من الصخب المعادي لإسرائيل، والذي تمكنت خلاله الجماهير من اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وإجبار دبلوماسييها على الفرار.
2. ما تزال حماس؛ المنظمة الفلسطينية المتشددة التي تتمتع بالنفوذ الأكبر في غزة، تشق لها طرقاً جديدة في الضفة الغربية التي تديرها حركة فتح الأكثر اعتدالاً.
3. تخاطر الولايات المتحدة؛ الحليف القوي لإسرائيل، باحتمال عزل نفسها عربياً بسبب معارضتها لدفع الفلسطينيين باتجاه إقامة دولة في الأمم المتحدة. وتقول الولايات المتحدة إنها سوف تستخدم حق النقض (الفيتو) ضد أي محاولة للاعتراف الكامل بفلسطين من خلال مجلس الأمن الدولي. كما تعترض واشنطن أيضا على تصويت محتمل في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي سيوافق غالباً على منح مرتبة دولة "مراقب" لا يحق لها التصويت لفلسطين.
4. سورية، التي سيشكل تفاوضها حول مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل جزءاً مهماً من أي اتفاق للسلام، تمر في حالة اضطراب، ويبقى وضع قيادتها موضع شك وتساؤل. ويمكن بالكاد، في الوقت الحاضر، اعتبارها شريكاً مسؤولاً في المناقشات مع إسرائيل.
5. تركيا، التي سعت إلى الاضطلاع بدور أكثر تأثيراً في الشرق الأوسط، تتخذ موقفاً أكثر عدائية بكثير تجاه إسرائيل. وكانت تركيا قد توسطت مرة في المفاوضات بين سورية وإسرائيل. أما الآن، فتهدد باستخدام سفنها الحربية لتحدي الحصار الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، والذي تسعى إسرائيل من خلاله إلى منع وصول أسلحة الى حركة حماس. وقد عمد الأتراك إلى طرد السفير الإسرائيلي.
6. وكما لو أن كل هذه الأخبار السلبية لإسرائيل لم تكن كافية، فإن إيران تبدو وأنها تسلك مساراً أسرع نحو الحصول على سلاح أو أسلحة نووية. فهل يمكن لإيران، التي تحدثت عن "محو" إسرائيل، أن تكون غير عقلانية بما يكفي لتهديد إسرائيل بصاروخ نووي في حال تمكنت من إنتاجه؟
يكمن الخطر في أن إسرائيل التي تملك ترسانتها النووية الخاصة، قد لا تنتظر طويلاً لمعرفة ذلك. ورغم أن إيران ليست دولة عربية، وإنما إسلامية، فإن من شأن مثل هذه المواجهة النووية أن تخلط الأوراق في الشرق الأوسط، وسوف تضطر الدول العربية الصديقة أو العدوة لإيران أو إسرائيل إلى اختيار أحد الجانبين، حتى أن الأمور قد تصل -لا سيما في حالة المملكة العربية السعودية- إلى نقطة تطوير بعض الدول ترساناتها النووية الخاصة.
لعل المسألة الأكثر إلحاحاً من بين كل هذه المشاكل، تتمثل في عزم الفلسطينيين على الضغط من أجل تحصيل الاعتراف بدولة لهم في الأمم المتحدة. ويقول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن هذه الخطوة تنبع من الإحباط العميق بسبب عدم وجود أي مفاوضات إيجابية حول التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وإن من شأن هذا الاعتراف أن يضع دولة فلسطين على قدم المساواة مع إسرائيل لإجراء المزيد من المحادثات.
وفي المقابل، تقول الولايات المتحدة إنه ليست هناك طريق مختصرة لإقامة دولة فلسطينية، وإن أي تحرك من جانب الفلسطينيين باتجاه الأمم المتحدة سوف يعقد المفاوضات فحسب. ويحتمل كثيراً أن يعمد الكونغرس الأميركي المؤيد لإسرائيل إلى حد كبير، إلى خفض المساعدات التي تقدمها أميركا للفلسطينيين في حال تحركت الأمم المتحدة بشكل إيجابي نحو إقامة دولة فلسطينية.
بما أن العلاقة الإسرائيلية-الفلسطينية الملتهبة، التي تبدو فيها الولايات المتحدة وأنها تفضل إسرائيل بقيت، فستظل مستمرة، وسوف تقوض الجهود التي تبذلها إدارة أوباما لتحسين علاقات الولايات المتحدة مع العالم العربي.
ولذلك، فإن للولايات المتحدة مصلحة كبيرة في رؤية إسرائيل المنفعلة، والفلسطينيين الذين لديهم حق مشروع في إقامة وطن خاص بهم، وهم يحققون الوفاق الذي استعصى عليهم حتى الآن.
وسيكون جوهر أي اتفاق هو وجوب أن تكون كل من إسرائيل وفلسطين دولتين مستقلتين، تعيشان جنباً إلى جنب مع ضمانات أمنية لكل منهما. وهناك، بطبيعة الحال، تفاصيل يصعب حلها، وقضايا سياسية بشأن الحدود، وقضايا دينية حساسة للغاية حول مستقبل القدس. ولا يقترح أحد أن هذا الأمر سيكون أمراً سهلاً.
لكن عواقب الفشل سوف تكون غير قابلة للتصور أيضاً.
*رئيس التحرير السابق للمونيتور، ويكتب عموداً كل أسبوعين.