رفضت الحكومة السورية مبادرة جديدة أطلقها وزراء الخارجية العرب لإنهاء الأزمة المشتعلة منذ أكثر من ١٠ أشهر، التى تدعو إلى تشكيل حكومة وفاق وطنى خلال شهرين، وتطالب الرئيس السورى بشار الأسد بتفويض نائبه وإعطائه صلاحيات كاملة للتعاون مع هذه الحكومة، واعتبرت دمشق المبادرة تدخلا سافرا فى سيادتها، فيما انقسمت أطياف المعارضة السورية حولها بين مؤيد ومعارض، وتواصلت أعمال العنف التى تشنها قوات الأسد على المتظاهرين، بينما تجددت الاشتباكات بين الجيش الحكومى والمنشقين.
وأكدت سوريا على لسان مصدر حكومى رسمى أنها ترفض قرارات مجلس الجامعة العربية، وأنها تعتبرها انتهاكاً لسيادتها الوطنية وتدخلاً سافراً فى شؤونها الداخلية، وخرقاً فاضحاً للأهداف التى أنشئت الجامعة العربية من أجلها، وللمادة الثامنة من ميثاقها».
وقال المصدر: «إن سوريا تؤكد إدانتها لهذا القرار، الذى جاء فى إطار الخطة التآمرية الموجهة ضد سوريا من قبل أدوات تنفذ هذه المخططات، التى باتت مكشوفة لجماهير شعبنا فى سوريا والوطن العربى».
وبدورها انتقدت الصحف السورية قرارات الجامعة العربية، وقالت إنها نسفت خطة العمل العربية، التى اتفقت عليها مع دمشق بالدوحة، وباتت مساعى الجامعة فى تدويل الأزمة السورية واضحة ومعلنة.
وفى المقابل، أعلن رئيس المجلس الوطنى السورى برهان غليون أن المبادرة تؤكد انتهاء نظام بشار الأسد، وحكم الطاغية، كما تؤكد حق الشعب السورى فى الانتقال إلى نظام ديمقراطى وحكومة منتخبة، وأضاف أن المجلس يرحب بالمبادرة، وسيخضع بنودها لدراسة دقيقة لاتخاذ موقف تجاهها، وحيا «غليون» قرار الوزراء العرب الخاص بطلب دعم مجلس الأمن للمبادرة الجديدة، وشدد على أن «أى دخول جديد فى مرحلة انتقالية ينبغى أن يبدأ بإعلان الأسد تنحيه عن السلطة»، مؤكداً أن السوريين لن يقبلوا بنصف حكومة ديمقراطية، وقال إنه طالب مجلس التعاون الخليجى والاتحاد الأوروبى بإنشاء صندوق مالى لدعم الشعب السورى بينما انتقدت لجان التنسيق المحلية السورية قرارات الجامعة، واعتبرتها «فشلاً جديداً فى التوصل إلى حلٍ يرتقى لمستوى تضحيات الشعب، ورأت أن المبادرة تعطى مهلة جديدة للنظام لوأد الثورة، وتحويل المجتمع السورى إلى أرض محروقة».
وقال محمد طيفور، عضو المجلس الوطنى السورى، إنه لا يمكن الحوار مع الأسد القاتل الذى احترق، ولا يمكن القبول بوجوده أو حزبه فى أى حكومة مقبلة، مؤكدا أن رحيله هو بداية الحوار بالنسبة للشعب والمعارضة.
واعتبر رئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى حمد بن جاسم عقب اجتماع وزراء الخارجية العرب، مساء أمس الأول، أن المبادرة تهدف إلى رحيل النظام السورى «سلميا»، وهى مبادرة متكاملة، وتشبه المبادرة اليمنية، ونأمل أن تقبل بها الحكومة السورية، وفى حال لم ينفذوا نحن ذاهبون لمجلس الأمن، وسنتخذ قرارات ليس من بينها التدخل العسكرى.
وتدعو المبادرة الحكومة السورية وأطياف المعارضة لبدء حوار سياسى جاد تحت رعاية الجامعة العربية فى غضون أسبوعين من الدعوة، وكلف مجلس وزراء الخارجية الأمين العام للجامعة نبيل العربى بتعيين مبعوث خاص لمتابعة العملية السياسية فى سوريا، ودعا المجتمع الدولى لدعم حكومة الوحدة الوطنية.
وتنص المبادرة على «تشكيل حكومة وطنية خلال شهرين بمشاركة السلطة والمعارضة برئاسة شخصية متفق عليها للإعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية تعددية حرة وبإشراف عربى ودولى، وفويض رئيس الجمهورية نائبه الأول بصلاحيات كاملة للقيام بالتعاون التام مع حكومة الوحدة الوطنية لتمكينها من أداء واجباتها فى المرحلة الانتقالية، وتقوم الحكومة بإعادة الأمن والاستقرار وتنظيم أجهزة الشرطة، وإنشاء هيئة مستقلة مفوضة للتحقيق فى الانتهاكات التى تعرض لها المواطنون، والإعداد لإجراء انتخابات شفافة لاختيار جمعية تأسيسية برقابة عربية ودولية خلال ٣ أشهر من تشكيلها، وتتولى الجمعية إعداد مشروع دستور جديد يتم إقراره عبر استفتاء شعبى، وإعداد قانون انتخابات على أساس هذا الدستور».
وقال «العربى» إن أخطر ما فى تقرير بعثة المراقبين هو أن استخدام العنف المفرط من قبل الأجهزة الأمنية أدى إلى تولد رد فعل من جانب المواطنين المحتجين أو المعارضة، والجيش السورى الحر الأمر الذى يحمل فى طياته احتمال نشوب حرب أهلية، واعتبر أن هناك مأزقا يواجه الحل العربى، ومهمة المراقبين، والمجتمع الدولى.
ميدانيا سيطر الجيش السورى على مدينة درعا مهد الحركة الاحتجاجية، وحاصرها بنقاط تفتيش وملصقات تحمل صور الأسد، بينما يقوم ضباط الأمن بالحراسة الدورية رغم خروج مظاهرات يومية، وقال مسؤولون إن متظاهرين أشعلوا النار فى مبنى حكومى ومركزين للشرطة، وهاجموا أكثر من ٤٠٠ مدرسة، وقتل ٢٢ شخصا برصاص الأمن معظمهم فى ريف دمشق، وقتل ٥ جنود، وأصيب ١٣ فى اشتباكات مع منشقين فى حمص، وقالت لجان التنسيق المحلية إن ٩٧٦ مدنيا قتلوا برصاص الأمن بعد شهر من وصول المراقبين العرب إلى سوريا، بينهم ٥٤ طفلا و٢٨ امرأة. أفادت صحيفة «كومرسانت» الروسية بأن سوريا ستشترى من روسيا ٣٦ طائرة تدريب عسكرية، بينما أقر الاتحاد الأوروبى عقوبات جديدة على سوريا تشمل ٢٢ من أعضاء الأجهزة الأمنية و٨ منظمات.