الدولة : عدد المشاركات : 73740 نقاط : 111480 تاريخ التسجيل : 30/01/2010 العمر : 36 الجنس :
موضوع: ذكر مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة مارس 05, 2010 3:06 am
ذكر مولد رسول الله
أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد ثنا يحيى بن معين ثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: ولد رسول الله عام الفيل. قال أبو حاتم: ولد النبي عام الفيل يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول في اليوم الذي بعث الله طيرا أبابيل على أصحاب الفيل، وكان من شأن الفيل أن ملكا كان باليمن غلب عليها وكان أصله من الحبشة يقال له أبرهة بنى كنيسة بصنعاء فسماها القليس وزعم أنه يصرف إليها حج العرب، وحلف أنه يسير إلى الكعبة فيهدمها، فخرج ملك، من ملوك حمير فيمن أطاعه من قومه يقال له [ ذو نفر ] فقاتله، فهزمه أبرهة وأخذه، فلما أتى به قال له ذو نفر: أيها الملك! لا تقتلني فإن استبقائي خير لك من قتلي، فاستبقاه، وأوثقه ثم خرج ثائرا يريد الكعبة، حتى إذا دنا من بلاد خثعم خرج إليه النفيل بن حبيب الخثعمي ومن اجتمع إليه من قبائل اليمن فقاتلوه، فهزمهم وأخذ النفيل، فقال النفيل: أيها الملك! إني عالم بأرض العرب فلا تقتلني وهاتان يداي على قومي بالسمع والطاعة، فاستبقاه وخرج معه يدله، حتى إذا بلغ الطائف خرج معه مسعود بن معتب في رجال من ثقيف فقال: أيها الملك! نحن عبيد لك ليس لك عندنا خلاف، وليس بيتنا وبيتك الذي تريد ـ يعنون ـ اللات إنما تريد البيت الذي بمكة، نحن نبعث معك من يدلك عليه، فبعثوا معه مولى لهم يقال له [ أبو رغال ] فخرج معهم حتى إذا كان بالمغمس مات [ أبو رغال ] وهو الذي رجم قبره، وبعث أبرهة من المغمس رجلا يقال له الأسود بن مقصود على مقدمة خيله. فجمع إليه أهل الحرم، وأصاب لعبد المطلب مائتي بعير بالأراك، ثم بعث أبرهة حناطة الحميري إلى أهل مكة فقال: سل عن شريفها ثم أبلغه أني لم آت لقتال، إنما جئت لأهدم هذا البيت، فانطلق حناطة حتى دخل مكة، فلقي عبد المطلب بن هاشم فقال: إن الملك أرسلني إليك ليخبرك أنه لم يأتي لقتال إلا أن تقاتلوه، إنما جاء لهدم هذا البيت ثم الانصراف عنكم، فقال عبد المطلب ما عندنا له قتال، فقال: سنخلي بينه وبين البيت، فإن خلى الله بينه وبينه فو الله ما لنا به قوة! قال: فانطلق معي إليه، قال: فخرج معه حتى قدم المعسكر وكان [ ذو نفر] صديقا لعبد المطلب فأتاه فقال: يا ذا نفر! هل غندكم من غناء فيما نزل بنا؟ فقال: ما غناء رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة وعشية، ولكن سأبعث لك إلى أنيس سائس الفيل فأمره أن يضع لك عند الملك ما استطاع من خير ويعظم خطرك ومنزلتك عنده، قال: فأرسل إلى أنيس فأتاه، فقال: إن هذا سيد قريش، صاحب عين مكة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال وقد أصاب له الملك مائتي بعير، فإن استطعت أن تنفعه عنده فانفعه فإنه صديق لي، فدخل أنيس على أبرهة فقال: أيها الملك! هذا سيد قريش وصاحب عين الكعبة الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في الجبال يستأذن عليك وأنا أحب أن تأذن له، فقد جاءك غير ناصب لك ولا مخالف عليك. فأذن له، وكان عبد المطلب رجلا عظيما جسيما وسيما، فلما رآه أبرهة عظمه وأكرمه وكره أن يجلس معه على سريره وأن يجلس تحته، فهبط إلى البساط فجلس عليه معه، فقال له عبد المطلب: أيها الملك إنك قد أصبت لي مالا عظيما فأردده علي، فقال له: لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ولقد زهدت فيك، قال: ولم؟ قال: جئت إلى بيت هو دينك ودين آبائك وعصمتكم ومنعتكم لأهدمه فلم تكلمني فيه وتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك! قال: أنا رب هذه الإبل، ولهذا البيت رب سيمنعه! قال: ما كان ليمنعه مني! قال: فأنت وذاك! قال: فأمر بإبله فردت عليه، ثم خرج عبد المطلب وأخبر قريشا الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب، وأصبح أبرهة بالمغمس قد تهيأ للدخول وعبى جيشه وقرب فيله وحمل عليه ما أراد أن يحمل وهو قائم، فلما حركه وقف وكاد أن يرزم إلى الأرض فيبرك، فضربوه بالمعول في رأسه فأبى، فأدخلوا محاجنهم تحت أقرانه ومرافقه فأبى، فوجهوه إلى اليمن فهرول، فصرفوه إلى الحرم فوقف، ولحق الفيل بجبل من تلك الجبال، فأرسل الله الطير من البحر كالبلسان مع كل طير ثلاثة أحجار: حجران في رجليه وحجر في منقاره، ويحملن أمثال الحمص والعدس من الحجارة، فإذا غشين القوم أرسلنها عليهم، فلم تصب تلك الحجارة أحد إلا هلك، وليس كل القوم أصاب فذلك قول الله تعالى ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل السورة كلها، وبعث الله على أبرهة داء في جسده، ورجعوا سراعا يتساقطون في كل بلد، وجعل أبرهة تتساقط أنامله، كلما سقطت أنملة اتبعها مدة من قيح ودم فانتهى إلى اليمن وهو مثل فرخ الطير فيمن بقي من أصحابه ثم مات، فلما هلك استخلف ابنه يكسوم بن أبرهة فهذا ما كان من شأن الفيل، وسميت هذه السنة [ سنة الفيل ].